responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 69
وَالتَّبْشِيرُ: الْوَعْدُ بِالْعَطَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّهُ قَالَ لِلْأَنْصَارِ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا»
،
وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ: «اقْبَلُوا الْبُشْرَى، فَقَالُوا بشرتنا فَأَعْطِنَا»
. وَمَعْنَى اسْمُهُ يَحْيى سَمِّهِ يَحْيَى، فَالْكَلَامُ خَبَرٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْأَمْرِ.
وَالسَّمِيُّ فَسَّرُوهُ بِالْمُوَافِقِ فِي الِاسْمِ، أَيْ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مَنْ يُوَافِقُهُ فِي هَذَا الِاسْمِ مِنْ قَبْلِ وُجُودِهِ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ هَذَا الْإِخْبَارُ سِرًّا مِنَ اللَّهِ أَوْدَعَهُ زَكَرِيَّاءَ فَلَا يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ يُسَمِّي أَحَدٌ ابْنَهُ يَحْيَى فِيمَا بَيْنَ هَذِهِ الْبِشَارَةِ وَبَيْنَ ازْدِيَادِ الْوَلَدِ. وَهَذِهِ مِنَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَإِكْرَامٌ لِزَكَرِيَّاءَ إِذْ جَعَلَ اسْمَ ابْنِهِ مُبْتَكَرًا، وَلِلْأَسْمَاءِ الْمُبْتَكَرَةِ مَزِيَّةُ قُوَّةِ تَعْرِيفِ الْمُسَمَّى لِقِلَّةِ الِاشْتِرَاكِ، إِذْ لَا يَكُونُ مِثْلُهُ كَثِيرًا مُدَّةَ وُجُودِهِ، وَلَهُ مَزِيَّةُ اقْتِدَاءِ النَّاسِ بِهِ مِنْ بَعْدُ حِينِ يُسَمُّونَ أَبْنَاءَهُمْ ذَلِكَ الِاسْمَ تَيَمُّنًا وَاسْتِجَادَةً.
وَعِنْدِي: أَنَّ السَّمِيَّ هُنَا هُوَ الْمُوَافِقُ فِي الِاسْمِ الْوَصْفِيِّ بِإِطْلَاقِ الِاسْمِ عَلَى الْوَصْفِ، فَإِنَّ الِاسْمَ أَصْلُهُ فِي الِاشْتِقَاقِ (وَسَمَ) ، وَالسِّمَةُ: أَصْلُهَا وَسْمَةٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى [النَّجْم: 27] ، أَيْ يَصِفُونَهُمْ أَنَّهُمْ إِنَاثٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
الْآتِي: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مَرْيَم: 65] أَيْ لَا مَثِيلَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي أَسْمَائِهِ. وَهَذَا أَظْهَرُ فِي الثَّنَاءِ عَلَى يَحْيَى وَالِامْتِنَانِ عَلَى أَبِيهِ. وَالْمَعْنَى: أَنه لم يجىء قَبْلَ يَحْيَى مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنِ اجْتَمَعَ لَهُ مَا اجْتَمَعَ لِيَحْيَى فَإِنَّهُ أُعْطِيَ النُّبُوءَةَ وَهُوَ صَبِيٌّ، قَالَ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مَرْيَم: 12] ، وَجُعِلَ حَصُورًا لِيَكُونَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فِي عِصْمَتِهِ عَنِ الْحَرَامِ، وَلِئَلَّا تَكُونَ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ حُقُوقِ الْعِبَادَةِ وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ، وَوُلِدَ لِأَبِيهِ بَعْدَ الشَّيْخُوخَةِ وَلِأُمِّهِ بَعْدَ الْعُقْرِ، وَبُعِثَ مُبَشِّرًا بِرِسَالَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يَكُنْ هُوَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست