responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 346
[سُورَة طه (20) : آيَة 134]
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (134)
الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ جُمْلَةَ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولى [طه: 133] ، وَأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الِارْتِقَاءِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ ضَالُّونَ حِينَ أَخَّرُوا الْإِيمَانَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلُوهُ مُتَوَقِّفًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ، لِأَنَّ مَا هُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِهِ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ضَلَالٌ بَيِّنٌ قَدْ حَجَبَتْ عَنْ إِدْرَاكِ فَسَادِهُ الْعَادَاتُ واشتغال البال بشؤون دِينِ الشِّرْكِ، فَالْإِشْرَاكُ وَحْدُهُ كَافٍ فِي اسْتِحْقَاقِهِمُ الْعَذَابَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَحِمَهُمْ فَلَمْ يُؤَاخِذْهُمْ بِهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا يُوقِظُ عُقُولَهُمْ. فَمَجِيءُ الرَّسُولِ بِذَلِكَ كَافٍ فِي اسْتِدْلَالِ الْعُقُولِ عَلَى فَسَادِ مَا هُمْ فِيهِ، فَكَيْفَ يَسْأَلُونَ بَعْدَ ذَلِكَ إِتْيَانَ الرَّسُولِ لَهُمْ بِآيَةٍ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مَنْ نَبْذِ الشِّرْكِ لَوْ سَلَّمَ لَهُمْ جَدَلًا أَنَّ مَا جَاءَهُمْ مِنَ الْبَيِّنَةِ لَيْسَ هُوَ بِآيَةٍ، فَقَدْ بَطَلَ عُذْرُهُمْ مِنْ أَصْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ
مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ
[الْأَنْعَام: 156] . فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مِنْ قَبْلِهِ عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ الَّذِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الرَّسُولِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِ بِأَنَّهُ بَيِّنَةٌ، أَوْ عَلَى إِتْيَانِ الْبَيِّنَةِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولى [طه: 133] .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِوَحْدَانِيَّةِ خَالِقِ الْخَلْقِ يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ لَوْلَا حَجْبُ الضَّلَالَاتِ وَالْهَوَى، وَأَنَّ مَجِيءَ الرُّسُلِ لِإِيقَاظِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست