responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 327
وَاقْتِصَارُ الشَّيْطَانِ عَلَى التَّسْوِيلِ لِآدَمَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ آدَمُ وَحَوَّاءُ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّ اقْتِدَاءَ الْمَرْأَةِ بِزَوْجِهَا مَرْكُوزٌ فِي الْجِبِلَّةِ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [22] .
وَقَوْلُهُ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ عَطَفٌ عَلَى فَأَكَلا مِنْها، أَيْ أَكَلَا مَعًا، وَتَعَمَّدَ آدَمُ مُخَالَفَةَ نَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ. وَإِثْبَاتُ الْعِصْيَانِ لِآدَمَ دُونَ زَوْجِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آدَمَ كَانَ قُدْوَةً لِزَوْجِهِ فَلَمَّا أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ تَبِعَتْهُ زَوْجُهُ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا [التَّحْرِيم: 6] .
وَالْغِوَايَةُ: ضِدُّ الرُّشْدِ، فَهِيَ عَمَلٌ فَاسِدٌ أَوِ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ، وَإِثْبَاتُ الْعِصْيَانِ لِآدَمَ دَلِيلٌ
عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَوْمئِذٍ نبيئا، ولأنّه كَانَ فِي عَالَمٍ غَيْرِ عَالَمِ التَّكْلِيفِ وَكَانَتِ الْغَوَايَةُ كَذَلِكَ، فَالْعِصْيَانُ وَالْغِوَايَةُ يَوْمَئِذٍ: الْخُرُوجُ عَنِ الِامْتِثَالِ فِي التَّرْبِيَةُ كَعِصْيَانِ بَعْضِ الْعَائِلَةِ أَمْرَ كَبِيرِهَا، وَإِنَّمَا كَانَ شَنِيعًا لِأَنَّهُ عِصْيَانُ أَمْرِ اللَّهِ.
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَنَدٌ لِتَجْوِيزِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَلَا لِمَنْعِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَالَمَ لَمْ يَكُنْ عَالَمَ تَكْلِيفٍ.
وَجُمْلَةُ ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَعَصى آدَمُ وَجُمْلَةِ قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً، لِأَنَّ الِاجْتِبَاءَ وَالتَّوْبَةَ عَلَيْهِ كَانَا بَعْدَ أَنْ عُوقِبَ آدَمُ وَزَوْجُهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ كَمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَرَتُّبِ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْجَنَّةِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ دُونَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى التَّوْبَةِ.
وَفَائِدَةُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ التَّعْجِيلُ بِبَيَانِ مَآلِ آدَمَ إِلَى صَلَاحٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست