responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 317
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْعَجَلَةِ بِالْقُرْآنِ الْعَجَلَةَ بِقِرَاءَتِهِ حَالَ إِلْقَاءِ جِبْرِيلَ آيَاتِهِ. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النَّبِيءُ يُبَادِرُ جِبْرِيلَ فَيَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ جِبْرِيلُ حِرْصًا عَلَى الْحِفْظِ وَخَشْيَةً مِنَ النِّسْيَانِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ الْآيَةَ. وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ
[الْقِيَامَة: 16] كَمَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» . وَعَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَضَاءِ وحيه إِتْمَامه وانتهاؤه، أَيِ انْتِهَاءَ الْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ بِصَدَدِ النُّزُولِ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ أَنَّ مَعْنَاهُ: لَا تَعْجَلْ بِقِرَاءَةِ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ لِأَصْحَابِكَ وَلَا تُمْلِهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَتَبَيَّنَ لَكَ مَعَانِيهِ. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ قَضَاءُ الْوَحْيِ تَمَامَ مَعَانِيهِ. وَعَلَى كِلَا التَّفْسِيرَيْنِ يَجْرِي اعْتِبَارُ مَوْقِعِ قَوْلِهِ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُقْضى بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ، وَرَفْعِ وَحْيُهُ عَلَى أَنَّهُ نَائِب الْفَاعِل. وقرأه يَعْقُوبُ- بِنُونِ الْعَظَمَةِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَبِفَتْحَةٍ عَلَى آخِرَ نَقْضِي وَبِنَصْبِ وَحْيَهُ.
وَعَطْفُ جُمْلَةِ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ اسْتِعْجَالٌ مَخْصُوصٌ وَأَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ مَحْمُودٌ. وَفِيهِ تَلَطُّفٌ مَعَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتْبَعَ نَهْيَهُ عَنِ التَّعَجُّلِ
الَّذِي يَرْغَبُهُ بِالْإِذْنِ لَهُ بِسُؤَالِ الزِّيَادَةِ مِنَ الْعِلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَجْمَعُ كُلِّ زِيَادَةٍ سَوَاءً كَانَتْ بِإِنْزَالِ الْقُرْآنِ أَمْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْوَحْيِ وَالْإِلْهَامِ إِلَى الِاجْتِهَادِ تَشْرِيعًا وَفَهْمًا، إِيمَاءً إِلَى أَنَّ رَغْبَتَهُ فِي التَّعَجُّلِ رَغْبَةٌ صَالِحَةٌ
كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّبِيءَ رَاكِعًا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ بَلْ رَكَعَ وَدَبَّ إِلَى الصَّفِّ رَاكِعًا فَقَالَ لَهُ: «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تعد»
.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست