responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 315
وَعَبَّرَ بِ يُحْدِثُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الذِّكْرَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمْ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ، فَالْقُرْآنُ أَوْجَدَ فِيهِمْ ذِكْرًا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمَّا جَرَتْ فِي الْجَزْلِ جَرْيًا كَأَنَّهُ ... سَنَا الْفَجْرِ أَحْدَثْنَا لِخَالِقِهَا شُكْرًا
وَ (لَعَلَّ) لِلرَّجَاءِ، أَيْ أَنَّ حَالَ الْقُرْآنِ أَنْ يُقَرِّبَ النَّاسَ مِنَ التَّقْوَى وَالتَّذَكُّرِ، بِحَيْثُ يُمَثَّلُ شَأْنَ مَنْ أَنْزَلَهُ وَأَمَرَ بِمَا فِيهِ بِحَالِ مَنْ يَرْجُو فَيَلْفِظُ بِالْحَرْفِ الْمَوْضُوعِ لِإِنْشَاءِ الرَّجَاءِ.
فَحَرْفُ (لَعَلَّ) اسْتِعَارَة تَبَعِيَّة تنبىء عَنْ تَمْثِيلِيَّةٍ مَكْنِيَّةٍ، وَقَدْ مَضَى مَعْنَى (لَعَلَّ) فِي الْقُرْآنِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [21] .
وَجُمْلَةُ فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ وَبَيْنَ جُمْلَةِ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ. وَهَذَا إِنْشَاءُ ثَنَاءٍ عَلَى اللَّهِ مُنَزِّلِ الْقُرْآنِ وَعَلَى مِنَّةِ هَذَا الْقُرْآنِ، وَتَلْقِينٌ لِشُكْرِهِ عَلَى مَا بَيَّنَ لِعِبَادِهِ مِنْ وَسَائِلِ الْإِصْلَاحِ وَحَمْلِهِمْ عَلَيْهِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَتَوْجِيهِهِ إِلَيْهِمْ بِأَبْلَغِ كَلَامٍ وَأَحْسَنِ أُسْلُوبٍ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا إِلَى آخِرِهَا ...
وَالتَّفْرِيعُ مُؤْذِنٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الْإِنْزَالَ وَالتَّصْرِيفَ وَوَسَائِلَ الْإِصْلَاحِ كلّ ذَلِك ناشىء عَنْ جَمِيلِ آثَارٍ يَشْعُرُ جَمِيعُهَا بِعُلُوِّهِ وَعَظَمَتِهِ وَأَنَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُدَبِّرُ لِأُمُورِ مَمْلُوكَاتِهِ عَلَى أَتَمِّ وُجُوهِ الْكَمَالِ وَأَنْفَذِ طُرُقِ السِّيَاسَةِ.
وَفِي وَصْفِهِ بِالْحَقِّ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُتَسَمَّيْنَ بِالْمُلُوكِ لَا يَخْلُو مِنْ نَقْصٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [الْفرْقَان: 26] .
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَيَقُولُ اللَّهُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ»
، أَيْ أَحْضِرُوهُمْ هَلْ تَجِدُونَ مِنْهُمْ مَنْ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، كَقَوْلِ الْخَلِيفَةِ مُعَاوِيَةَ حِينَ خَطَبَ فِي الْمَدِينَةِ «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ» .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست