responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 304
لَدُنَّا ذِكْراً [طه: 99] وَمَا تَبِعَهَا وَبَيْنَ جُمْلَةِ وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [طه: 113] ، تَخَلُّصٌ لِذِكْرِ الْبَعْثِ وَالتَّذْكِيرِ بِهِ وَالنِّذَارَةِ بِمَا يَحْصُلُ لِلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ.
وَالصُّورُ: قَرْنٌ عَظِيمٌ يُجْعَلُ فِي دَاخِلِهِ سِدَادٌ لِبَعْضِ فَضَائِهِ فَإِذَا نَفَخَ فِيهِ النَّافِخُ بِقُوَّةٍ
خَرَجَ مِنْهُ صَوْتٌ قَوِيٌّ، وَقَدِ اتُّخِذَ لِلْإِعْلَامِ بِالِاجْتِمَاعِ لِلْحَرْبِ. وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [73] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُنْفَخُ بِيَاءِ الْغِيبَةِ مَبْنِيًّا للْمَجْهُول، أَي ينْفخ نَافِخٍ، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِذَلِكَ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ نَنْفُخُ- بِنُونِ الْعَظَمَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ- وَإِسْنَادُ النَّفْخِ إِلَى اللَّهِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْآمِرُ بِهِ، مِثْلَ: بَنَى الْأَمِيرُ الْقَلْعَةَ.
وَالْمُجْرِمُونَ: الْمُشْرِكُونَ وَالْكَفَرَةُ.
وَالزُّرْقُ: جَمْعُ أَزْرَقٍ، وَهُوَ الَّذِي لَوْنُهُ الزُّرْقَةُ. وَالزُّرْقَةُ: لَوْنٌ كَلَوْنِ السَّمَاءِ إِثْرَ الْغُرُوبِ، وَهُوَ فِي جَلْدِ الْإِنْسَانِ قَبِيحُ الْمَنْظَرِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ لَوْنَ مَا أَصَابَهُ حَرْقُ نَارٍ. وَظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنَّ الزُّرْقَةَ لَوْنُ أَجْسَادِهِمْ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمرَان: 106] ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ لَوْنُ عُيُونِهِمْ، فَقِيلَ: لِأَنَّ زُرْقَةَ الْعَيْنِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ.
وَالْأَظْهَرُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يُرَادَ شِدَّةُ زُرْقَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْنٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ، فَيَكُونُ كَقَوْلِ بِشَارٍ:
وَلِلْبَخِيلِ عَلَى أَمْوَالِهِ عِلَلٌ ... زُرْقُ الْعُيُونِ عَلَيْهَا أَوْجُهٌ سُودُ
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالزُّرْقِ الْعُمْيُ، لِأَنَّ الْعَمَى يُلَوِّنُ الْعَيْنَ بِزُرْقَةٍ. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ فِي بَيْتِ بِشَارٍ أَيْضًا.
وَالتَّخَافُتُ: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ مِنْ خَوْفٍ وَنَحْوِهُ. وَتَخَافُتُهُمْ لِأَجْلِ مَا يَمْلَأُ صُدُورَهُمْ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً [طه:
108] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست