responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 296
وَالنَّبْذُ: إِلْقَاءُ مَا فِي الْيَدِ.
وَالْأَثَرُ: حَقِيقَتُهُ: مَا يَتْرُكُهُ الْمَاشِي مِنْ صُورَةِ قَدَمِهِ فِي الرَّمْلِ أَوِ التُّرَابِ. وَتَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي [طه: 84] .
وعَلى حمل هَذِه الْكَلِمَاتِ عَلَى حَقَائِقِهَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُ الرَّسُولِ عَنِ الْمَعْنَى الْمَشْهُورِ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى جِبْرِيلَ فَإِنَّهُ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ. فَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: الْمُرَادُ بِالرَّسُولِ جِبْرِيلُ، وَرَوَوْا قِصَّةٌ قَالُوا: إِنَّ السَّامِرِيَّ فَتَنَهُ اللَّهُ، فَأَرَاهُ اللَّهُ جِبْرِيلَ رَاكِبًا فَرَسًا فَوَطِئَ حَافِرُ الْفَرَسِ مَكَانًا فَإِذَا هُوَ مُخْضَرٌّ بِالنَّبَاتِ. فَعَلِمَ السَّامِرِيُّ أَنَّ أَثَرَ جِبْرِيلَ إِذَا أُلْقِيَ فِي جَمَادٍ صَارَ حَيًّا، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ ذَلِكَ التُّرَابِ وَصَنَعَ عجلا وَألقى القبضة عَلَيْهِ فَصَارَ جَسَدًا، أَيْ حَيًّا، لَهُ خُوَارٌ كَخُوَارِ الْعِجْلِ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْإِلْقَاءِ بِالنَّبْذِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ لَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَلَا وَرَدَ بِهِ أَثَرٌ مِنَ السُّنَّةِ وَإِنَّمَا هِيَ أَقْوَالٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ وَلَعَلَّهَا تَسَرَّبَتْ لِلنَّاسِ مِنْ رِوَايَاتِ الْقَصَّاصِينَ.
فَإِذَا صُرِفَتْ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ السِّتُّ إِلَى مَعَانٍ مَجَازِيَّةٍ كَانَ بَصُرْتُ بِمَعْنَى عَلِمْتُ وَاهْتَدَيْتُ، أَيِ اهْتَدَيْتُ إِلَى عِلْمِ مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ، وَهُوَ عِلْمُ صِنَاعَةِ التَّمَاثِيلِ وَالصُّوَرِ الَّذِي بِهِ صُنِعَ الْعِجْلُ، وَعِلْمُ الْحِيَلِ الَّذِي أَوْجَدَ بِهِ خُوَارَ الْعِجْلِ، وَكَانَتِ الْقَبْضَةُ بِمَعْنَى النَّصِيبِ الْقَلِيلِ، وَكَانَ الْأَثَرُ بِمَعْنَى التَّعْلِيمِ، أَيِ الشَّرِيعَةِ، وَكَانَ نَبَذْتُ بِمَعْنَى أَهْمَلْتُ وَنَقَضْتُ، أَيْ كُنْتُ ذَا مَعْرِفَةٍ إِجْمَالِيَّةٍ مِنْ هَدْيِ الشَّرِيعَةِ فَانْخَلَعْتُ عَنْهَا بِالْكُفْرُ. وَبِذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ لَفْظُ الرَّسُولِ عَلَى الْمَعْنَى الشَّائِعِ الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ مِنَ اللَّهِ وُأُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ.
وَكَانَ الْمَعْنَى: إِنِّي بِعَمَلِيَ الْعِجْلَ لِلْعِبَادَةِ نَقَضْتُ اتِّبَاعَ شَرِيعَةِ مُوسَى. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ اعْتَرَفَ أَمَامَ مُوسَى بِصُنْعِهِ الْعِجْلَ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ جَهِلَ فَضَلَّ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ سَوَّلَتْهُ لَهُ نَفْسُهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 296
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست