responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 290
وَتِلْكَ دَلَالَةٌ عَقْلِيَّةٌ، فِي حَالِ أَنَّ هَارُونَ قَدْ وَعَظَهُمْ وَنَبَّهَهُمْ إِلَى ذَلِكَ إِذْ ذَكَّرَهُمْ بِأَنَّهُ فِتْنَةٌ فَتَنَهُمْ بِهَا السَّامِرِيُّ، وَأَنَّ ربّهم هُوَ الرحمان لَا مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ نَفْعًا فَضْلًا عَنِ الرَّحْمَةِ، وَأَمَرَهُمْ بِأَنْ يَتَّبِعُوا أَمْرَهُ، وَتِلْكَ دَلَالَةٌ سَمْعِيَّةٌ.
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِحَرْفِ التَّحْقِيقِ وَلَامِ الْقَسَمِ لِتَحْقِيقِ إِبْطَالِ مَا فِي كِتَابِ الْيَهُودِ مِنْ أَنَّ هَارُونَ هُوَ الَّذِي صَنَعَ لَهُمُ الْعَجَلَ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ عِبَادَتَهُ. وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنه كَانَ يستهزىء بِهِمْ فِي نَفْسِهِ، وَذَلِكَ إِفْكٌ عَظِيمٌ فِي كِتَابِهِمْ.
وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ (قَبْلُ) مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ، أَيْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ مُوسَى وَيُنْكِرَ عَلَيْهِمْ.
وَافْتِتَاحُ خِطَابِهِ بِ يَا قَوْمِ تَمْهِيدٌ لِمَقَامِ النَّصِيحَةِ.
وَمَعْنَى إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ: مَا هُوَ إِلَّا فِتْنَةٌ لَكُمْ وَلَيْسَ رَبًّا، وَإِن ربّكم الرحمان الَّذِي يَرْحَمُكُمْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ، فَأَجَابُوهُ بِأَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ عَاكِفِينَ عَلَى عِبَادَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مُوسَى فَيُصَرِّحُ لَهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعِجْلَ لَيْسَ هُوَ رَبَّهُمْ.
وَرَتَّبَ هَارُونُ خِطَابَهُ عَلَى حَسَبِ التَّرْتِيبِ الطَّبِيعِيِّ لِأَنَّهُ ابْتَدَأَهُ بِزَجْرِهِمْ عَنِ الْبَاطِلِ وَعَنْ عِبَادَةِ مَا لَيْسَ بِرَبٍّ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ الرَّبِّ الْحَقِّ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اتِّبَاعِ الرَّسُولِ إِذْ كَانَ رَسُولًا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الْعَمَلِ بِالشَّرَائِعِ، فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا التَّصْمِيمُ عَلَى اسْتِمْرَارِ عِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ فَأَجَابُوا هَارُونَ جَوَابًا جَازِمًا.
وعَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِ عاكِفِينَ قُدِّمَ عَلَى مُتَعَلَّقِهِ لِتَقْوِيَةِ الْحُكْمِ، أَوْ أَرَادُوا: لَنْ نَبْرَحَ نَخُصُّهُ بِالْعُكُوفِ لَا نَعْكُفُ عَلَى غَيْرِهِ.
وَالْعُكُوفُ: الْمُلَازَمَةُ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ وَالتَّعَبُّدِ، وَكَانَ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ يَلْزَمُونَهَا ويطوفون بهَا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 290
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست