responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 282
يَأْمُلُ أَنْ تَكُونَ سَبَبَ رِضَى اللَّهِ عَنْ قَوْمِهِ فَإِذَا بِهِمْ أَتَوْا بِمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ فَقَدِ انْكَسَرَ خاطره بَين يَدَيْهِ رَبِّهِ.
وَهَذَا ابْتِدَاءُ وَصْفِ قِيَامِ مُوسَى فِي جَمَاعَةِ قَوْمِهِ وَفِيهِمْ هَارُونَ وَفِيهِمُ السَّامِرِيُّ، وَهُوَ يَقْرَعُ أَسْمَاعَهُمْ بِزَوَاجِرِ وَعْظِهِ، فَابْتَدَأَ بِخِطَابِ قَوْمِهِ كُلِّهِمْ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَارُونَ لَا يَكُونُ مُشَايِعًا لَهُمْ، فَلِذَلِكَ ابْتَدَأَ بِخِطَابِ قَوْمِهِ ثُمَّ وَجَّهَ الْخِطَابَ إِلَى هَارُونَ بِقَوْلِهِ قالَ يَا هارُونُ مَا مَنَعَكَ [طه: 92] .
وَجُمْلَةُ قالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ مُسْتَأْنَفَةٌ بَيَانِيَّةٌ.
وَافْتِتَاحُ الْخِطَابِ بِ يَا قَوْمِ تَمْهِيدٌ لِلَّوْمِ لِأَنَّ انْجِرَارَ الْأَذَى لِلرَّجُلِ مِنْ قَوْمِهِ أَحَقُّ فِي تَوْجِيهِ الْمَلَامِ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ إِنْكَارِيُّ نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَعِدْهُمْ وَعْدًا حَسَنًا لِأَنَّهُمْ أَجْرُوا أَعْمَالَهُمْ عَلَى حَالِ مَنْ يَزْعُمُ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ زَعْمَهُمْ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَقْرِيرِيًّا، وَشَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى فَرْضِ النَّفْيِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَالْوَعْدُ الْحَسَنُ هُوَ: وَعْدُهُ مُوسَى بِإِنْزَالِ التَّوْرَاةِ، وَمُوَاعَدَتُهُ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً لِلْمُنَاجَاةِ، وَقَدْ أَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ، فَهُوَ وَعْدٌ لِقَوْمِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لِصَلَاحِهِمْ، وَلِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُمْ بِأَنْ يَكُونَ نَاصِرًا لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَهَادِيًا لَهُمْ فِي طَرِيقِهِمْ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ فِي قَوْلِهِ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ [طه: 80] .
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ، أَيْ لَيْسَ الْعَهْدُ بِوَعْدِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ بَعِيدًا. وَالْمُرَادُ بِطُولِ الْعَهْدِ طُولُ الْمُدَّةِ، أَيْ بُعْدُهَا، أَيْ لَمْ يَبْعُدْ زَمَنُ وَعْدِ رَبِّكَمْ إِيَّاكُمْ حَتَّى يَكُونَ لَكُمْ يَأْسٌ مِنَ الْوَفَاءِ فَتَكْفُرُوا وَتُكَذِّبُوا مَنْ بَلَّغَكُمُ الْوَعْدَ وَتَعْبُدُوا رَبًّا غَيْرَ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ مَنْ بَلَّغَكُمُ الْوَعْدَ فَتَكُونُ لَكُمْ شُبْهَةُ عُذْرٍ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَنِسْيَانِ عَهْدِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست