responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 278
وَلَيْسَ فِي كِتَابِ التَّوْرَاةِ مَا يُشِيرُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ صُنْعِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعِجْلَ مِنْ ذَهَبٍ اتَّخَذُوهُ إِلَهًا فِي مُدَّةِ مَغِيبِ مُوسَى، وَأَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ اسْتِبْطَاؤُهُمْ رُجُوعَ مُوسَى قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى [طه: 91] .
وَقَوْلُهُ هُنَا هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا سَائِرِينَ خَلْفَهُ وَأَنَّهُ سَبَقَهُمْ إِلَى الْمُنَاجَاةِ.
وَاعْتَذَرَ عَنْ تَعَجُّلِهِ بِأَنَّهُ عَجِلَ إِلَى اسْتِجَابَةِ أَمْرِ اللَّهِ مُبَالَغَةً فِي إِرْضَائِهِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْمَلَامِ عَلَى التَّعَجُّلِ بِأَنَّهُ تَسَبَّبَ عَلَيْهِ حُدُوثُ فِتْنَةٍ فِي قَوْمِهِ لِيُعْلِمَهُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ مَا وُقِّتَ لَهُ وَلَوْ كَانَ لِرَغْبَةٍ فِي ازْدِيَادٍ مِنَ الْخَيْرِ.
وَالْأَثَرُ- بِفُتْحَتَيْنِ-: مَا يَتْرُكْهُ الْمَاشِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَلَامَاتِ قَدَمٍ أَوْ حَافِرٍ أَوْ خُفٍّ. وَيُقَالُ: إِثْرٌ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الثَّاءِ- وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ كَمَا ذَكَرَ ثَعْلَبُ.
فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: جَاءَ عَلَى إِثْرِهِ، جَاءَ مُوَالِيًا لَهُ بِقُرْبِ مَجِيئِهِ، شَبَّهَ الْجَائِيَ الْمُوَالِيَ بِالَّذِي يَمْشِي عَلَى عَلَامَاتِ أَقْدَامِ من مَشى قبله قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ ذَلِكَ الْأَثَرُ بِأَقْدَامٍ أُخْرَى، وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ مُوَالَاتُهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ.
وَالْمَعْنَى: هُمْ أُولَاءِ سَائِرُونَ عَلَى مَوَاقِعِ أَقْدَامِي، أَيْ مُوَالُونَ لِي فِي الْوُصُولِ. وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي»
، تَقْدِيرُهُ: يُحْشَرُونَ سَائِرِينَ عَلَى آثَارِ قَدَمِي.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ عَلى أَثَرِي بِفَتْحَتَيْنِ. وَقَرَأَهُ رُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الثَّاءِ-.
وَاسْتُعْمِلَ تَرْكِيبُ هُمْ أُولاءِ مُجَرَّدًا عَنْ حَرْفِ التَّنْبِيهِ فِي أَوَّلِ اسْمِ الْإِشَارَةِ خِلَافًا
لِقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [109] : هَا أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ
،

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست