responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 251
وَالتَّنَازُعُ: تَفَاعُلٌ مِنَ النَّزْعِ، وَهُوَ الْجَذْبُ مِنَ الْبِئْرِ، وَجَذْبُ الثَّوْبِ مِنَ الْجَسَدِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ تَمْثِيلًا فِي اخْتِلَافِ الرَّأْيِ وَمُحَاوَلَةِ كُلِّ صَاحِبِ رَأْيٍ أَنْ يُقْنِعَ الْمُخَالِفَ لَهُ بِأَنَّ رَأْيَهُ هُوَ الصَّوَابُ، فَالتَّنَازُعُ: التَّخَالُفُ.
وَالنَّجْوَى: الْحَدِيثُ السِّرِّيُّ، أَيِ اخْتَلَوْا وَتَحَادَثُوا سِرًّا لِيَصْدُرُوا عَنْ رَأْيٍ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ، فَجَعَلَ النَّجْوَى مَعْمُولًا لِ أَسَرُّوا يُفِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكِتْمَانِ، كَأَنَّهُ قِيلَ:
أَسَرُّوا سِرَّهُمْ، كَمَا يُقَالُ: شِعْرُ شَاعِرٍ.
وَزَادَهُ مُبَالَغَةً قَوْلُهُ بَيْنَهُمْ الْمُقْتَضِي أَنَّ النَّجْوَى بَيْنَ طَائِفَةٍ خَاصَّةٍ لَا يَشْتَرِكُ مَعَهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ.
وَجُمْلَةُ قالُوا إِنْ هذانِ لسحران بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ وَأَسَرُّوا النَّجْوى، لِأَنَّ إِسْرَارَ النَّجْوَى يَشْتَمِلُ عَلَى أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ ذُكِرَ مِنْهَا هَذَا الْقَوْلُ، لِأَنَّهُ الْقَوْلُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمْ وَالرَّأْيُ الَّذِي أَرْسَوْا عَلَيْهِ، فَهُوَ زُبْدَةُ مَخِيضِ النَّجْوَى. وَذَلِكَ شَأْنُ التَّشَاوُرِ وَتَنَازُعِ الْآرَاءِ أَنْ
يُسْفِرَ عَنْ رَأْيٍ يَصْدُرُ الْجَمِيعُ عَنْهُ.
وَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى ضَمِيرِ جَمْعِهِمْ عَلَى مَعْنَى: قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَانِ لَسَاحِرَانِ، فَقَالَ جَمِيعُهُمْ: نَعَمْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ، فَأُسْنِدَ هَذَا الْقَوْلُ إِلَى جَمِيعِهِمْ، أَيْ مَقَالَةً تَدَاوَلُوا الْخَوْضَ فِي شَأْنِهَا فَأَرْسَوْا عَلَيْهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ، وَنَطَقُوا بِالْكَلَامِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ، وَهُوَ تَحَقُّقُهُمْ أَنَّ مُوسَى وَأَخَاهُ سَاحِرَانِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ الْقُرَّاء المعتبرين قرأوا بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ من قَوْله «هاذان» مَا عَدَا أَبَا عَمْرٍو مِنَ الْعَشَرَةِ وَمَا عَدَا الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ. وَذَلِكَ يُوجِبُ الْيَقِينَ بِأَنَّ إِثْبَاتَ الْأَلِفِ فِي لَفْظِ (هَذَانِ) أَكْثَرُ تَوَاتُرًا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِكَلِمَةِ (إِنَّ)

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست