responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 217
إِذْ لَا فَرْقَ فِي فِعْلِ الْإِلْقَاءِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُبَاشِرًا أَوْ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْأَفْعَالِ الثَّلَاثَةِ. وَيَجُوزُ جَعْلَ الضَّمِيرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ عَائِدَيْنِ إِلَى التَّابُوتِ وَلَا لَبْسَ فِي ذَلِكَ.
وَجَزْمُ يَأْخُذْهُ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ عَلَى طَرِيقَةِ جَزْمِ قَوْلِهِ يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه: 28] الْمُتَقَدَّمِ آنِفًا.
وَالْعَدُوُّ: فِرْعَوْنُ، فَهُوَ عَدُوُّ اللَّهِ لِأَنَّهُ انْتَحَلَ لِنَفْسِهِ الْإِلَهِيَّةِ، وَعَدُوُ مُوسَى تَقْدِيرًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ عَدْوُهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ غِلْمَانِ إِسْرَائِيلَ لِأَنَّهُ اعْتَزَمَ عَلَى قَتْلِ أَبْنَائِهِمْ.
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَوْحَيْنا أَيْ حِينَ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا كَانَ بِهِ سَلَامَتُكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَحِينَ أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ محبّة لتحصل الرقّة لِوَاجِدِهِ فِي الْيَمِّ، فَيَحْرِصُ عَلَى حَيَاتِهِ وَنَمَائِهِ وَيَتَّخِذُهُ وَلَدًا كَمَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ [الْقَصَص: 9] لِأَنَّ فِرْعَوْنَ قَدْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مِنْ غِلْمَانِ إِسْرَائِيلَ وَلَيْسَ مِنْ أَبْنَاءِ الْقِبْطِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَخْطُرُ بِبَالِهِ الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ.
وَإِلْقَاءُ الْمَحَبَّةِ مَجَازٌ فِي تَعَلُّقِ الْمُحِبَّةِ بِهِ، أَيْ خَلْقُ الْمَحَبَّةِ فِي قَلْبِ الْمُحِبِّ بِدُونِ سَبَبٍ عَادِيٍّ حَتَّى كَأَنَّهُ وُضِعَ بِالْيَدِ لَا مُقْتَضًى لَهُ فِي الْعَادَةِ.
وَوَصْفُ الْمَحَبَّةِ بِأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهَا مَحَبَّةٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ لِعَدَمِ ابْتِدَاءِ أَسْبَابِ الْمَحَبَّةِ الْعُرْفِيَّةِ مِنَ الْإِلْفِ وَالِانْتِفَاعِ، أَلَا تَرَى قَوْلَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ: عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً [الْقَصَص: 9] مَعَ قَوْلهَا: قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ [الْقَصَص: 9] ، فَكَانَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَهَا قَبْلَ أَنْ يَنْفَعَهَا وَقَبْلَ اتِّخَاذِهِ وَلَدًا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست