responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 210
قَالَا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى قالَ لَا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى [طه: 45، 46] .
وَالذَّهَابُ الْمَأْمُورُ بِهِ ذَهَابٌ خَاصٌّ، قَدْ فَهِمَهُ مُوسَى مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْإِخْبَارِ بِاخْتِيَارِهِ، وَإِظْهَارِ الْمُعْجِزَاتِ لَهُ، أَوْ صَرَّحَ لَهُ بِهِ وَطَوَى ذِكْرَهُ هُنَا عَلَى طَرِيقَةِ الْإِيجَازِ، عَلَى أَنَّ التّعليل الْوَاقِع بعده ينبىء بِهِ.
فَجُمْلَةُ إِنَّهُ طَغى تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالذَّهَابِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا صَلُحَتْ لِلتَّعْلِيلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ ذَهَابٌ خَاصٌّ، وَهُوَ إِبْلَاغُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِإِبْلَاغِهِ إِلَيْهِ من تَغْيِيره عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ.
وَلَمَّا عَلِمَ مُوسَى ذَلِكَ لَمْ يُبَادِرْ بِالْمُرَاجَعَةِ فِي الْخَوْفِ مِنْ ظُلْمِ فِرْعَوْنَ، بَلْ تَلَقَّى الْأَمْرَ وَسَأَلَ اللَّهَ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ، بِمَا يؤول إِلَى رَبَاطَةِ جَأْشِهِ وَخَلْقِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُعِينُهُ عَلَى تَبْلِيغِهِ، وَإِعْطَائِهِ فَصَاحَةَ الْقَوْلِ لِلْإِسْرَاعِ بِالْإِقْنَاعِ بِالْحُجَّةِ.
وَحُكِيَ جَوَابُ مُوسَى عَنْ كَلَامِ الرَّبِّ بِفِعْلِ الْقَوْلِ غَيْرِ مَعْطُوفٍ جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَاتِ.
وَرَتَّبَ مُوسَى الْأَشْيَاءَ الْمَسْئُولَةَ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَسْبِ تَرْتِيبِهَا فِي الْوَاقِعِ عَلَى الْأَصْلِ فِي تَرْتِيبِ الْكَلَامِ مَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَضٍ لِلْعَدْلِ عَنْهُ.
فَالشَّرْحُ، حَقِيقَتُهُ: تَقْطِيعُ ظَاهِرِ شَيْءٍ لَيِّنٍ. وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِإِزَالَةِ مَا فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ مِنْ خَوَاطِرَ تُكَدِّرُهُ أَوْ تُوجِبُ تَرَدُّدَهُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَى عَمَلٍ مَا تَشْبِيهًا بِتَشْرِيحِ اللَّحْمِ بِجَامِعِ التَّوْسِعَةِ.
وَالْقَلْبُ: يُرَادُ بِهِ فِي كَلَامِهِمُ وَالْعقل. فَالْمَعْنَى: أَزِلْ عَنْ فِكْرِي الْخَوْفَ وَنَحْوَهُ، مِمَّا يَعْتَرِضُ الْإِنْسَانَ مِنْ عَقَبَاتٍ تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِإِقْدَامِهِ وَعَزَامَتِهِ، وَذَلِكَ مِنَ الْعُسْرِ، فَسَأَلَ تَيْسِيرَ أَمْرِهِ، أَيْ إِزَالَةَ الْمَوَانِعِ الْحَافَّةِ بِمَا كُلِّفَ بِهِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 210
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست