responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 195
وَ (أَوْ) هُنَا لِلتَّخْيِيرِ، لِأَنَّ إِتْيَانَهُ بِقَبَسٍ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ، فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْقَبَسَ لَا غَيْرَ، وَإِمَّا أَنْ يَزِيدَ فَيَجِدَ صَاحِبَ النَّارِ قَاصِدًا الطَّرِيقَ مِثْلَهُ فَيَصْحَبَهُ.
وَحَرْفُ عَلَى فِي قَوْلِهِ: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً مُسْتَعْمَلٌ فِي الِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ، أَيْ شِدَّةُ الْقُرْبِ مِنَ النَّارِ قُرْبًا أَشْبَهَ الِاسْتِعْلَاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ مُشْعِلَ النَّارِ يَسْتَدْنِي مِنْهَا لِلِاسْتِنَارَةِ بِضَوْئِهَا أَوْ لِلِاصْطِلَاءِ بِهَا. قَالَ الْأَعْشَى:
وَبَاتَ عَلَى النَّارِ النَّدَى وَالْمُحَلِّقُ وَأَرَادَ بِالْهُدَى صَاحِبَ الْهُدَى.
وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مُوسَى مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ إِلْهَامًا إِيَّاهُ أَنَّهُ سَيَجِدُ عِنْدَ تِلْكَ النَّارِ هُدًى عَظِيمًا، وَيُبَلِّغُ قَوْمَهُ مِنْهُ مَا فِيهِ نَفْعُهُمْ.
وَإِظْهَارُ النَّارِ لِمُوسَى رَمْزٌ رَبَّانِيٌّ لَطِيفٌ إِذْ جَعَلَ اجْتِلَابَهُ لِتَلَقِّي الْوَحْيِ بِاسْتِدْعَاءٍ بِنُورٍ فِي ظُلْمَةٍ رَمْزًا عَلَى أَنَّهُ سَيَتَلَقَّى مَا بِهِ إِنَارَةُ نَاسٍ بِدِينٍ صَحِيحٍ بَعْدَ ظُلْمَةِ الضَّلَالِ وَسُوء الِاعْتِقَاد.
[11- 13]

[سُورَة طه (20) : الْآيَات 11 إِلَى 13]
فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يَا مُوسى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى (13)
بُنِيَ فِعْلُ النِّدَاءِ لِلْمَجْهُولِ زِيَادَةً فِي التَّشْوِيقِ إِلَى اسْتِطْلَاعِ الْقِصَّةِ، فَإِبْهَامُ الْمُنَادِي يُشَوِّقُ سَامِعَ الْآيَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فَإِذَا فَاجَأَهُ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ عَلِمَ أَنَّ الْمُنَادِيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَتَمَكَّنَ فِي النَّفْسِ كَمَالَ التَّمَكُّنِ. وَلِأَنَّهُ أَدْخَلُ فِي تَصْوِيرِ تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنَّ مُوسَى نَادَاهُ مُنَادٍ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَهُ، فَحُكِيَ نِدَاؤُهُ بِالْفِعْلِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست