responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 127
وَخُصَّ مُوسَى بِعُنْوَانِ (الْمُخْلِصِ) عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَزِيَّتُهُ، فَإِنَّهُ أَخْلَصَ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ فَاسْتَخَفَّ بِأَعْظَمِ جَبَّارٍ وَهُوَ فِرْعَوْنُ، وَجَادَلَهُ مُجَادَلَةَ الْأَكْفَاءِ، كَمَا حَكَى اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [18، 19] : قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ إِلَى قَوْله: قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ [الْقَصَص: 17] ، فَكَانَ الْإِخْلَاصُ فِي أَدَاءِ أَمَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِيزَتَهُ. وَلِأَنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ لِكَلَامِهِ مُبَاشَرَةً قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِ الْمَلَكَ بِالْوَحْيِ، فَكَانَ مُخْلَصًا بِذَلِكَ، أَيْ مُصْطَفًى، لِأَنَّ ذَلِكَ مَزِيَّتُهُ قَالَ تَعَالَى وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي [طه: 41] .
وَالْجَمْعُ بَيْنَ وَصْفِ مُوسَى لِأَنَّهُ رَسُولٌ وَنَبِيءٌ. وَعُطِفَ نَبِيئًا عَلَى رَسُولًا مَعَ أَنَّ الرَّسُولَ بِالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ أَخَصُّ مِنَ النَّبِيءِ، فَلِأَنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْمُرْسَلُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ لِيُبَلِّغَ إِلَى النَّاسِ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ إِلَّا نَبِيئًا، وَأَمَّا النَّبِيءُ فَهُوَ الْمُنَبَّأُ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ، فَإِذَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالتَّبْلِيغِ فَهُوَ نَبِيءٌ وَلَيْسَ رَسُولًا، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا هُنَا لِتَأْكِيدِ الْوَصْفِ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ رِسَالَتَهُ بَلَغَتْ مَبْلَغًا قَوِيًّا، فَقَوْلُهُ نَبِيئًا تَأْكِيدٌ لَوَصْفِ رَسُولًا.
وَتَقَدَّمَ اخْتِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي لَفْظِ نَبِيئًا عِنْدَ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ.
وَجُمْلَةُ وَنادَيْناهُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً فَهِيَ مِثْلُهَا مُسْتَأْنَفَةٌ.
وَالنِّدَاءُ: الْكَلَامُ الدَّالُّ عَلَى طَلَبِ الْإِقْبَالِ، وَأَصْلُهُ: جَهْرُ الصَّوْتِ لِإِسْمَاعِ الْبَعِيدِ، فَأُطْلِقَ عَلَى طَلَبِ إِقْبَالِ أَحَدٍ مَجَازًا مُرْسَلًا، وَمِنْهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست