responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 117
وَجُمْلَةُ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنْ عِبَادَتِهِ وَعِبَادَةِ آثَارِ وَسْوَسَتِهِ بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْعِصْيَانِ لِلرَّبِّ الْوَاسِعِ الرَّحْمَةِ. وَذِكْرُ وَصْفِ عَصِيًّا الَّذِي هُوَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْعِصْيَانِ مَعَ زِيَادَةِ فِعْلِ (كَانَ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُ عِصْيَانَ رَبِّهِ وَأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ، فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا يُنَافِي الرَّحْمَةَ، أَيْ بِمَا يُفْضِي إِلَى النِّقْمَةِ، وَلِذَلِكَ اختير وصف الرحمان مِنْ بَيْنِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ تُوجِبُ غَضَبَ اللَّهِ فَتُفْضِي إِلَى الْحِرْمَانِ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَمَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ لَا يُتْبَعَ.
وَإِظْهَارُ اسْمِ الشَّيْطَانِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ، إِذْ لَمْ يَقُلْ: إِنَّه كَانَ للرحمان عَصِيًّا، لِإِيضَاحِ إِسْنَادِ الْخَبَرِ إِلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، وَلِزِيَادَةِ التَّنْفِيرِ مِنَ الشَّيْطَانِ، لِأَنَّ فِي ذِكْرِ صَرِيحِ اسْمِهِ تَنْبِيهًا إِلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، وَلِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مَوْعِظَةً قَائِمَةً بِنَفْسِهَا. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى يَا أَبَتِ قَرِيبا.
[45]

[سُورَة مَرْيَم (19) : آيَة 45]
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا (45)
لَا جَرَمَ أَنَّهُ لما قرر لَهُ أَنَّ عِبَادَتَهُ الْأَصْنَامَ اتِّبَاعٌ لِأَمْرِ الشَّيْطَان عصيّ الرحمان انْتَقَلَ إِلَى تَوَقُّعِ حِرْمَانِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِأَنْ يَحُلَّ بِهِ عَذَابٌ مِنَ اللَّهِ، فَحَذَّرَهُ مِنْ عَاقِبَةِ أَنْ يَصِيرَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ الَّذِينَ لَا يَخْتَلِفُ الْبَشَرُ فِي مَذَمَّتِهِمْ وَسُوءِ عَاقِبَتِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ يَنْدَمِجُونَ فِيهِمْ عَنْ ضَلَالٍ بِمَآلِ حَالِهِمْ.
وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَصْلَ حُلُولِ الْعَذَابِ بِمَنْ يَحُلُّ بِهِ هُوَ الْحِرْمَانُ مِنَ الرَّحْمَةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ عَبَّرَ عَنِ الْجَلالَة بِوَصْف الرحمان لِلْإِشَارَةِ إِلَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست