responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 109
تَحَسُّرِ الْمُجْرِمِينَ عَلَى مَا فَرَّطُوا فِيهِ مِنْ أَسْبَابِ النَّجَاةِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ كَأَنَّهُ مِمَّا اخْتَصَّتْ بِهِ الْحَسْرَةُ، فَهُوَ يَوْمُ حَسْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ فَرَحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّالِحِينَ.
وَاللَّامُ فِي الْحَسْرَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَامُ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّامُ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ يَوْمَ حَسْرَةِ الظَّالِمِينَ.
وَمَعْنَى قُضِيَ الْأَمْرُ: تُمِّمَ أَمْرُ اللَّهِ بِزَجِّهِمْ فِي الْعَذَابِ فَلَا مُعَقِّبَ لَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ أَمْرَ اللَّهِ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَي إِذْ حُشِرُوا. وَ (إِذْ) اسْمُ زَمَانٍ، بَدَلٌ مِنْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ.
وَجُمْلَةُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ حَالٌ مِنَ الْأَمْرُ وَهِيَ حَالٌ سَبَبِيَّةٌ، إِذِ التَّقْدِيرُ: إِذْ قُضِيَ أَمْرُهُمْ.
وَالْغَفْلَةُ: الذُّهُولُ عَنْ شَيْءٍ شَأْنُهُ أَنْ يُعْلَمَ.
وَمَعْنَى جُمْلَةِ الْحَالِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ الْكِنَايَةُ عَنْ سُرْعَةِ صُدُورِ الْأَمْرِ بِتَعْذِيبِهِمْ، أَيْ قُضِيَ أَمْرُهُمْ عَلَى حِينِ أَنَّهُمْ فِي غَفْلَةٍ، أَيْ بَهْتٍ. وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي تَحْذِيرٌ مِنْ حُلُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنُوا كَقَوْلِهِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الْأَعْرَاف:
187] ، وَهَذَا أَلْيَقُ بِقَوْلِهِ: وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.
وَمَعْنَى وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ اسْتِمْرَارُ عَدَمِ إِيمَانِهِمْ إِلَى حُلُولِ قَضَاءِ الْأَمْرِ يَوْمَ الْحَسْرَةِ.
فَاخْتِيَارُ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ فِيهِ دُونَ صِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُضَارِعُ مِنِ اسْتِمْرَارِ الْفِعْلِ وَقْتًا فَوَقْتًا اسْتِحْضَارًا لِذَلِكَ الِاسْتِمْرَارِ الْعَجِيبِ فِي طوله وتمكنه.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 16  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست