responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 32
هُرَيْرَةَ- رَضِي الله عَنْهُم- مِنَ اسْتِرَاقِ الْجِنِّ السَّمْعَ وَصْفًا لِلْكِهَانَةِ السَّابِقَةِ. وَيَكُونُ قَوْلُهُ: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» وَصْفًا لِآخِرِ أَمْرِهِمْ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وُجُودُ مَخْلُوقَاتٍ تُسَمَّى بِالْجِنِّ وَبِالشَّيَاطِينِ مَعَ قَوْلِهِ:
وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ [سُورَة ص: 37] الْآيَةَ. وَالْأَكْثَرُ أَنْ يُخَصَّ بِاسْمِ الْجِنِّ نَوْعٌ لَا يُخَالِطُ خَوَاطِرَ الْبَشَرِ، وَيُخَصُّ بِاسْمِ الشَّيَاطِينِ نَوْعٌ دَأْبُهُ الْوَسْوَسَةُ فِي عُقُولِ الْبَشَرِ بِإِلْقَاءِ الْخَوَاطِرِ الْفَاسِدَةِ.
وَظَوَاهِرُ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ أَصْنَافٌ، وَأَنَّهَا سَابِحَةٌ فِي الْأَجْوَاءِ وَفِي طَبَقَاتٍ مِمَّا وَرَاءَ الْهَوَاءِ وَتَتَّصِلُ بِالْأَرْضِ، وَأَنَّ مِنْهَا أَصْنَافًا لَهَا اتِّصَالٌ بِالنُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ دُونَ الْأَجْسَامِ وَهُوَ الْوَسْوَاسُ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ الْبَشَرُ.
وَبَعْضُ ظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ مِنَ السُّنَّةِ تَقْتَضِي أَنَّ صِنْفًا لَهُ اتِّصَالٌ بِنُفُوسٍ ذَاتِ اسْتِعْدَادٍ خَاصٍّ لِاسْتِفَادَةِ مَعْرِفَةِ الْوَاقِعَاتِ قَبْلِ وُقُوعِهَا أَوِ الْوَاقِعَاتِ الَّتِي يَبْعُدُ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ بُلُوغُ وُقُوعِهَا، فَتَسْبِقُ بَعْضُ النُّفُوسِ بِمَعْرِفَتِهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا الْمُعْتَادِ. وَهَذِهِ النُّفُوسُ هِيَ نُفُوسُ الْكُهَّانِ وَأَهْلِ الشَّعْوَذَةِ، وَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الْجِنِّ أَوِ الشَّيَاطِينِ هُوَ الْمُسَمَّى
بِمُسْتَرِقِ السَّمْعِ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ. فَهَذَا الصِّنْفُ إِذَا اتَّصَلَ بِتِلْكَ النُّفُوسِ الْمُسْتَعِدَّةِ لِلِاخْتِلَاطِ بِهِ حُجِزَ بَعْضُ قُوَاهَا الْعَقْلِيَّةِ عَنْ بَعْضٍ فَأُكْسِبَ الْبَعْضُ الْمَحْجُوزُ عَنْهُ ازْدِيَادَ تَأْثِيرٍ فِي وَظَائِفِهِ بِمَا يَرْتَدُّ عَلَيْهِ مِنْ جَرَّاءِ تَفَرُّغِ الْقُوَّةِ الذِّهْنِيَّةِ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِمُزَاحَمَةٍ إِلَى التَّوَجُّهِ إِلَيْهِ وَحْدَهُ، فَتُكْسِبُهُ قُدْرَةً عَلَى تَجَاوُزِ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ لِأَمْثَالِهِ، فَيَخْتَرِقُ الْحُدُودَ الْمُتَعَارَفَةَ لِأَمْثَالِهِ اخْتِرَاقًا مَا، فَرُبَّمَا خَلُصَتْ إِلَيْهِ تَمَوُّجَاتٍ هِيَ أَوْسَاطٌ بَيْنَ تَمَوُّجَاتِ كُرَةِ الْهَوَاءِ وَتَمَوُّجَاتِ الطَّبَقَاتِ الْعُلْيَا الْمُجَاوِرَةِ لَهَا، مِمَّا وَرَاءَ الْكُرَةِ الْهَوَائِيَّةِ.
وَلْنَفْرِضْ أَنَّ هَذِهِ الطَّبَقَةَ هِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا وَأَنَّ هَذِهِ التَّمَوُّجَاتِ هِيَ تَمَوُّجَاتُ الْأَثِيرِ فَإِنَّهَا تَحْفَظُ الْأَصْوَاتَ مَثَلًا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست