responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 304
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا جُمْلَةَ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ [سُورَة النَّحْل: 111]
إِلَخْ. عَلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيرِ (اذْكُرْ) ، أَيِ اذْكُرْ لَهُمْ هَوْلَ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ إِلَخْ. وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِعَذَابِهِمْ فِي الدُّنْيَا شَأْنَ قَرْيَةٍ كَانَتْ آمِنَةً إِلَخْ.
وضَرَبَ: بِمَعْنَى جَعَلَ، أَيْ جَعَلَ الْمُرَكَّبَ الدَّالَّ عَلَيْهِ وكوّن نَظْمِهِ، وَأَوْحَى بِهِ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا يُقَالُ: أَرْسَلَ فُلَانٌ مَثَلًا قَوْلُهُ: كَيْتٌ وَكَيْتٌ.
وَالتَّعْبِيرُ عَنْ ضَرْبِ الْمَثَلِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ نُزُولِ الْآيَةِ بِصِيغَة الْمَاضِي لِلتَّشْوِيقِ إِلَى الْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاضِي فِي الْحَالِ لِتَحْقِيقِ وُقُوعِهِ، مَثْلُ أَتى أَمْرُ اللَّهِ [سُورَة النَّحْل: 1] أَوْ لِتَقْرِيبِ زَمَنِ الْمَاضِي مِنْ زَمَنِ الْحَالِ، مِثْلَ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ضَرَبَ مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَى الطَّلَبِ وَالْأَمْرِ، أَيِ اضْرِبْ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ مَثَلًا قَرْيَةً إِلَى آخِرِهِ، كَمَا سَيَجِيءُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ [29] . وَإِنَّمَا صِيغَ فِي صِيغَةِ الْخَبَرِ تَوَسُّلًا إِلَى إِسْنَادِهِ إِلَى اللَّهِ تَشْرِيفًا لَهُ وَتَنْوِيهًا بِهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا صِيغَ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ نَحْوُ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ [سُورَة يس: 13] بِمَا سَيُذْكَرُ فِي سُورَةِ الزُّمَرِ فَرَاجِعْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [26] ، وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ [24] أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً.
وَجَعَلَ الْمَثَلَ قَرْيَةً مَوْصُوفَةً بِصِفَاتٍ تُبَيِّنُ حَالَهَا الْمَقْصُودَ مِنَ التَّمْثِيلِ، فَاسْتَغْنَى عَنْ تَعْيِينِ الْقَرْيَةِ.
وَالنُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَصْلُحَ هَذَا الْمَثَلُ لِلتَّعْرِيضِ بِالْمُشْرِكِينَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْقَرْيَةُ قَرْيَتَهُمْ أَعْنِي مَكَّةَ بِأَنْ جَعَلَهُمْ مَثَلًا لِلنَّاسِ مِنْ بَعْدِهِمْ. وَيُقَوِّي هَذَا الِاحْتِمَالَ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَدْ نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ أَصَابَ أَهْلَ مَكَّةَ الْجُوعُ الَّذِي أُنْذِرُوا بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست