responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 291
وَعَبَّرَ عَنِ الْمَقْصُورِ عَلَيْهِمْ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ ضَمِيرَهُمْ، فَيُقَالُ: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ أَنْتُمْ، لِيُفِيدَ اشْتِهَارَهُمْ بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ، وَلِأَنَّ لِلصِّلَةِ أَثَرًا فِي افْتِرَائِهِمْ، لِمَا تُفِيدُهُ الْمَوْصُولِيَّةُ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ.
وَعَلَيْهِ فَإِنَّ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ الَّتِي هِيَ آيَاتُ صِدْقٍ لَا يَسَعُهُ إِلَّا الِافْتِرَاءُ لِتَرْوِيجِ تَكْذِيبِهِ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ. وَفِي هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِ تَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ عَنْ مُكَابَرَةٍ لَا عَنْ شُبْهَةٍ.
ثُمَّ أُرْدِفَتْ جُمْلَةُ الْقَصْرِ بِجُمْلَةِ قَصْرٍ أُخْرَى بِطَرِيقِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ وَطَرِيقِ تَعْرِيفِ
الْمُسْنَدِ وَهِيَ جُمْلَةُ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ.
وَافْتُتِحَتْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ، بَعْدَ إِجْرَاءِ وَصْفِ انْتِفَاءِ الْإِيمَانِ بِآيَاتِ اللَّهِ عَنْهُمْ، لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ جَدِيرُونَ بِمَا يَرِدُ مِنَ الْخَبَرِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَهُوَ قَصْرُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، لِأَنَّ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِ اللَّهِ يَتَّخِذُ الْكَذِبَ دَيْدَنًا لَهُ مُتَجَدِّدًا.
وَجُعِلَ الْمُسْنَدُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ لِيُفِيدَ أَنَّ جِنْسَ الْكَاذِبِينَ اتَّحَدَ بِهِمْ وَصَارَ مُنْحَصِرًا فِيهِمْ، أَيِ الَّذِينَ تَعْرِفُ أَنَّهُمْ طَائِفَةُ الْكَاذِبِينَ هُمْ هَؤُلَاءِ. وَهَذَا يؤول إِلَى مَعْنَى قَصْرِ جِنْسِ الْمُسْنَدِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، فَيَحْصُلُ قَصْرَانِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ: قَصْرُ مَوْصُوفٍ عَلَى صِفَةٍ، وَقَصْرُ تِلْكَ الصِّفَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ. وَالْقَصْرَانِ الْأَوَّلَانِ الْحَاصِلَانِ مِنْ قَوْلِهِ:
إِنَّما يَفْتَرِي وَقَوْلُهُ: وَأُولئِكَ هُمُ إِضَافِيَّانِ، أَيْ لَا غَيْرُهُمُ الَّذِي رَمَوْهُ بِالِافْتِرَاءِ وَهُوَ مُحَاشًى مِنْهُ، وَالثَّالِثُ أُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ، إِذْ نَزَلَ بُلُوغُ الْجِنْسِ فِيهِمْ مَبْلَغًا قَوِيًّا مَنْزِلَةَ انْحِصَارِهِ فِيهِمْ.
وَاخْتِيرَ فِي الصِّلَةِ صِيغَةُ لَا يُؤْمِنُونَ دُونَ: لَمْ يُؤْمِنُوا، لِتَكُونَ عَلَى وِزَانِ مَا عُرِفُوا بِهِ سَابِقًا فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ، وَلِمَا فِي الْمُضَارِعِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مُسْتَمِرُّونَ عَلَى انْتِفَاءِ الْإِيمَانِ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ ضدّ ذَلِك.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 291
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست