responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 262
وَالتَّوْكِيدُ: التَّوْثِيقُ وَتَكْرِيرُ الْفَتْلِ، وَلَيْسَ هُوَ تَوْكِيدَ اللَّفْظِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ فَهُوَ ضِدُّ النَّقْضِ. وَإِضَافَتُهُ إِلَى ضَمِيرِ الْأَيْمَانِ لَيْسَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ وَلَا إِلَى مَفْعُولِهِ إِذْ لَمْ يُقْصَدْ بِالْمَصْدَرِ التَّجَدُّدُ بَلِ الِاسْمُ، فَهِيَ الْإِضَافَةُ الْأَصْلِيَّةُ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ، أَيِ التَّوْكِيدِ الثَّابِتِ لَهَا الْمُخْتَصِّ بِهَا. وَالْمَعْنَى: بَعْدَ مَا فِيهَا مِنَ التَّوْكِيدِ، وَبَيَّنَهُ قَوْلُهُ: وَقَدْ
جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا.
وَالْمَعْنَى: وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ حَلِفِهَا. وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ مِنَ الْيَمِينِ مَا لَا حَرَجَ فِي نَقْضِهِ، وَهُوَ مَا سَمَّوْهُ يَمِينَ اللَّغْوِ، وَذَلِكَ انْزِلَاقٌ عَنْ مَهْيَعِ النَّظْمِ الْقُرْآنِيِّ.
وَيُؤَيِّدُ مَا فَسَّرْنَاهُ قَوْلُهُ: وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا الْوَاقِعُ مَوْقِعُ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ لَا تَنْقُضُوا، أَيْ لَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ فِي حَالِ جَعْلِكُمُ اللَّهُ كَفِيلًا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِذَا أَقْسَمْتُمْ بِاسْمِهِ، فَإِنَّ مَدْلُولَ الْقَسَمِ أَنَّهُ إِشْهَادُ اللَّهِ بِصِدْقِ مَا يَقُولُهُ الْمُقْسِمُ: فَيَأْتِي بِاسْمِ اللَّهِ كَالْإِتْيَانِ بِذَاتِ الشَّاهِدِ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْحَلِفُ شَهَادَةً فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ [سُورَة النُّور: 6] . وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ أَظْهَرُ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّهْيِ عَنْهَا.
وَالْكَفِيلُ: الشَّاهِدُ وَالضَّامِنُ وَالرَّقِيبُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُرَاعَى لِتَحْقِيقِ الْغَرَضِ مِنْهُ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْقَسَمَ بِاسْمِ اللَّهِ إِشْهَادٌ لِلَّهِ وَكَفَالَةٌ بِهِ. وَقَدْ كَانُوا عِنْدَ الْعَهْدِ يَحْلِفُونَ وَيُشْهِدُونَ الْكُفَلَاءَ بِالتَّنْفِيذِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
وَاذْكُرُوا حِلْفَ ذِي الْمَجَازِ وَمَا قُ ... دِّمَ فِيهِ الْعُهُودُ وَالْكُفَلَاءُ
وعَلَيْكُمْ مُتَعَلِّقٌ بِ جَعَلْتُمُ لَا بِ كَفِيلًا أَيْ أَقَمْتُمُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَقَامَ الْكَفِيلِ، أَيْ فَهُوَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ: أَنْتَ الْخَصْمُ وَالْحَكَمُ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ [سُورَة التَّوْبَة: 118] .

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست