responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 251
وَلَمْ تَخْلُ أَيْضًا بَعْدَ التَّعْرِيضِ بِالتَّحْذِيرِ مَنْ صَدِّ الْكَافِرِينَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ حُسْنِ مَوْقِعِ تَذْكِيرِ الْمُسْلِمِينَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ شَهِيدًا يَشْهَدُ لَهُمْ بِمَا يَنْفَعُهُمْ وَبِمَا يَضُرُّ أَعْدَاءَهُمْ.
وَالْقَوْلُ فِي بَقِيَّةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مِثْلُ مَا سَبَقَ فِي نظيرتها.
وَلما كَانَ بُعِثَ الشُّهَدَاءُ لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ مُرَادًا بِهِ بَعْثُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمُضَارِعِ.
وَجُمْلَةُ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ وَيَوْمَ نَبْعَثُ كُلِّهَا.
فَالْمَعْنَى: وَجِئْنَا بِكَ لَمَّا أَرْسَلْنَاكَ إِلَى أُمَّتِكَ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ، أَيْ مُقَدَّرًا أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ حَيًّا فِي آنِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ كَانَ شَهِيدًا فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، فَاخْتِيرَ لَفْظُ الْمَاضِي فِي جِئْنا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ مَجِيءٌ حَصَلَ مِنْ يَوْمِ بِعْثَتِهِ.
وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ لِبَقِيَّةِ إِخْوَانِهِ الشُّهَدَاءِ عَلَى الْأُمَمِ، إِذِ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ تَهْدِيدُ قَوْمِهِ وَتَحْذِيرُهُمْ. وَهَذَا الْوَجْهُ شَدِيدُ الْمُنَاسَبَةِ بِأَنْ يُعْطَفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ [سُورَة النَّحْل: 89] الْآيَةَ.
وَقَدْ عَلِمْتَ مِنْ هَذَا أَنَّ جُمْلَةَ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً لَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى نَبْعَثُ بِحَيْثُ تَدْخُلُ فِي حَيِّزِ الظَّرْفِ وَهُوَ يَوْمَ، بَلْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى مَجْمُوعِ جُمْلَةِ يَوْمَ نَبْعَثُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا مِنْ وَقْتِ إِرْسَالِكَ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ:
مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَيَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ.
وَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَفَ عَلَى جُمْلَةِ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَتَدْخُلُ فِي حَيِّزِ الظَّرْفِ وَيَكُونُ الْمَاضِي مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ مَجَازًا لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، فَشَابَهَ بِهِ مَا حَصَلَ وَمَضَى، فَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: شَهِيداً. وَيَتَحَصَّلُ مِنْ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست