responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 235
وَالْمُرَادُ هُنَا: مَا يُمْسِكُهُنَّ عَنِ السُّقُوطِ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ دُونِ إِرَادَتِهَا، وَإِمْسَاكُ اللَّهِ إِيَّاهَا خَلْقُهُ الْأَجْنِحَةَ لَهَا وَالْأَذْنَابَ، وَجَعْلُهُ الْأَجْنِحَةَ وَالْأَذْنَابَ قَابِلَةً لِلْبَسْطِ، وَخَلْقُ عِظَامِهَا أَخَفَّ مِنْ عِظَامِ الدَّوَابِّ بِحَيْثُ إِذَا بَسَطَتْ أَجْنِحَتَهَا وَأَذْنَابَهَا وَنَهَضَتْ بِأَعْصَابِهَا خَفَّتْ خِفَّةً شَدِيدَةً فَسَبَحَتْ فِي الْهَوَاءِ فَلَا يَصْلُحُ ثِقَلُهَا لِأَنْ يَخْرِقَ مَا تَحْتَهَا مِنَ الْهَوَاءِ إِلَّا إِذَا قَبَضَتْ مِنْ أَجْنِحَتِهَا وَأَذْنَابِهَا وَقَوَّسَتْ أَعْصَابَ أَصْلَابِهَا عِنْدَ إِرَادَتِهَا النُّزُولَ إِلَى الْأَرْضِ أَوِ الِانْخِفَاضَ فِي الْهَوَاءِ. فَهِيَ تَحُومُ فِي الْهَوَاءِ كَيْفَ شَاءَتْ ثُمَّ تَقَعُ مَتَى شَاءَتْ أَوْ عَيِيَتْ.
فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ لَمَا اسْتَمْسَكَتْ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ إِمْسَاكًا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، وَهُوَ لُطْفٌ بِهَا.
وَالرُّؤْيَةُ: بَصَرِيَّةٌ. وَفِعْلُهَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، فَتَعْدِيَتُهُ بِحَرْفِ إِلَى لِتَضْمِينِ الْفِعْلِ مَعْنَى (يَنْظُرُوا) .
ومُسَخَّراتٍ حَالٌ. وَجُمْلَةُ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ حَالٌ ثَانِيَةٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَلَمْ يَرَوْا بِيَاءِ الْغَائِبِ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ عَنْ خِطَابِ الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ [سُورَة النَّحْل: 78] .
وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ أَلَمْ تَرَوْا بِتَاءِ الْخِطَابِ تَبَعًا لِلْخِطَابِ الْمَذْكُورِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ. مَعْنَاهُ: إِنْكَارُ انْتِفَاءِ رُؤْيَتِهِمُ الطَّيْرَ مُسَخَّرَاتٍ فِي الْجَوِّ بِتَنْزِيلِ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهَا مَنْزِلَةَ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ، لِانْعِدَامِ فَائِدَةِ الرُّؤْيَةِ مِنْ إِدْرَاكِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَرْئِيُّ مِنِ انْفِرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا، لِأَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَرَوْنَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ يُثِيرُ سُؤَالًا فِي نَفْسِ السَّامِعِ: أَكَانَ عَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِدَلَالَةِ رُؤْيَةِ الطَّيْرِ عَامًّا فِي الْبَشَرِ، فَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَسْتَدِلُّونَ مِنْ ذَلِكَ بِدَلَالَاتٍ كَثِيرَةٍ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 235
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست