responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 200
وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِمَّا فِي بُطُونِهِ ابْتِدَائِيَّةٌ، لِأَنَّ اللَّبَنَ يُفْرَزُ عَنِ الْعَلَفِ الَّذِي فِي الْبُطُون. وَمَا صدق «مَا فِي بُطُونِهِ» الْعَلَفُ. وَيَجُوزُ جَعْلُهَا تَبْعِيضِيَّةً وَيكون مَا صدق «مَا فِي بُطُونِهِ» هُوَ اللَّبَنُ اعْتِدَادًا بِحَالَةِ مُرُورِهِ فِي دَاخِلِ الْأَجْهِزَةِ الْهَضْمِيَّةِ قَبْلَ انْحِدَارِهِ فِي الضَّرْعِ.
ومِنْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ التَّوَسُّطِ، أَيْ يُفْرَزُ فِي حَالَةٍ بَيْنَ حَالَتَيِ الْفَرْثِ وَالدَّمِ.
وَوَقَعَ الْبَيَانُ بِ نُسْقِيكُمْ دُونَ أَنْ يُقَالَ: تَشْرَبُونَ أَوْ نَحْوُهُ، إِدْمَاجًا لِلْمِنَّةِ مَعَ الْعِبْرَةِ.
وَوَجْهُ الْعِبْرَةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَا تَحْتَوِيهِ بُطُونُ الْأَنْعَامِ مِنَ الْعَلَفِ وَالْمَرْعَى يَنْقَلِبُ بِالْهَضْمِ فِي الْمَعِدَةِ، ثُمَّ الْكَبِدِ، ثُمَّ غُدَدِ الضَّرْعِ، مَائِعًا يُسْقَى وَهُوَ مُفْرَزٌ مِنْ بَيْنِ إِفْرَازِ فَرْثٍ وَدَمٍ.
وَالْفَرْثُ: الْفَضَلَاتُ الَّتِي تَرَكَهَا الْهَضْمُ الْمُعْدِي فَتَنْحَدِرُ إِلَى الْأَمْعَاءِ فَتَصِيرُ فَرْثًا.
وَالدَّمُ: إِفْرَازٌ تَفْرِزُهُ الْكَبِدُ مِنَ الْغِذَاءِ الْمُنْحَدِرِ إِلَيْهَا وَيَصْعَدُ إِلَى الْقَلْبِ فَتَدْفَعُهُ حَرَكَة الْقلب الميكانيكية إِلَى الشَّرَايِينِ وَالْعُرُوقِ وَيَبْقَى يَدُورُ كَذَلِكَ بِوَاسِطَةِ الْقَلْبِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ فِي سُورَةِ الْعُقُودِ [3] .
وَمَعْنَى كَونِ اللَّبَنِ مِنْ بَيْنِ الْفَرْثِ وَالدَّمِ أَنَّهُ إِفْرَازٌ حَاصِلٌ فِي حِينِ إِفْرَازِ الدَّمِ وَإِفْرَازِ الْفَرْثِ. وَعَلَاقَتُهُ بِالْفَرْثِ أَنَّ الدَّمَ الَّذِي يَنْحَدِرُ فِي عُرُوقِ الضَّرع يمرّ بجوار الْفَضَلَاتِ الْبَوْلِيَّةِ وَالثُّفْلِيَّةِ، فَتُفْرِزُهُ غُدَدُ الضَّرْعِ لَبَنًا كَمَا تُفْرِزُهُ غُدَدُ الْكُلْيَتَيْنِ بَوْلًا بِدُونِ مُعَالَجَةٍ زَائِدَةٍ، وَكَمَا تُفْرِزُ تَكَامِيشُ الْأَمْعَاءِ ثُفْلًا بِدُونِ مُعَالَجَةٍ بِخِلَافِ إِفْرَازِ غُدَدِ الْمَثَانَةِ لِلْمَنِيِّ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى مُعَالَجَةٍ يَنْحَدِرُ بِهَا الدَّمُ إِلَيْهَا.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّبَنَ يَتَمَيَّعُ مِنْ بَيْنِ طَبَقَتَيْ فَرْثٍ وَدَمٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَوْهَمَ ذَلِكَ مَنْ تَوَهَّمَهُ حَمْلُهُ بَيْنِ عَلَى حَقِيقَتِهَا مِنْ ظَرْفِ الْمَكَانِ، وَإِنَّمَا هِيَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 200
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست