responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 194
وَوَجْهُ الْخِطَابِ إِلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَصْدِ إِبْلَاغِهِ إِلَى أَسْمَاعِ النَّاسِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّلٌ لِهَدْيِ النَّاسِ، فَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِالْقَسَمِ مَنْظُورٌ فِيهِ إِلَى الْمَقْصُودِينَ بِالْخَبَرِ لَا إِلَى الْمُوَجَّهِ إِلَيْهِ الْخَبَرُ، لِأَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَشُكُّ فِي ذَلِكَ.
وَمَصَبُّ الْقَسَمِ هُوَ التَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ.
وَأَمَّا الْإِرْسَالُ إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَا يَشُكُّ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ. وَشَأْنُ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ أَنْ تَقَعَ فِي قَسَمٍ عَلَى مُسْتَغْرَبٍ مَصَبُّ الْقَسَمِ هُنَا هُوَ الْمُفْرَدُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ لِأَنَّ تَأْثِيرَ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُم أَعْمَالهم بعد مَا جَاءَهُمْ مِنْ إِرْشَادِ رُسُلِهِمْ أَمْرٌ عَجِيبٌ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَرْفِ تَاءِ الْقَسَمِ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ [سُورَة النَّحْل: 56] .
وَجُمْلَةُ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ مَعْطُوفَةٌ على جملَة جَوَاب الْقَسَمِ. وَالتَّقْدِيرُ:
أَرْسَلْنَا فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ.
وَتَزْيِينُ الشَّيْطَانِ أَعْمَالَهُمْ كِنَايَةٌ عَنِ الْمَعَاصِي. فَمِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ وَهُوَ كَمَالُ التَّنْظِيرِ. وَمِنْهَا الِابْتِدَاعَاتُ الْمُنَافِيَةُ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ- عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- مِثْلُ ابْتِدَاعِ الْمُشْرِكِينَ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الْمُشْرِكِينَ سَلَكُوا مَسْلَكَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي زَيَّنَّ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ.
وَجُمْلَةُ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُفَرَّعَةً عَلَى جُمْلَةِ الْقَسَمِ بِتَمَامِهَا، عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّفْرِيعُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ جُمْلَةِ الِاسْتِئْنَافِ لِلتَّنْظِيرِ، فَيَكُونُ ضَمِيرُ وَلِيُّهُمُ عَائِدًا إِلَى الْمُنَظِّرِينَ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ. وَلَا مَانِعَ مِنَ اخْتِلَافٍ مُعَادِي ضَمِيرَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ مَعَ الْقَرِينَةِ، كَقَوْلِهِ
تَعَالَى: وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها [سُورَة الرّوم: 9] .
وَالْمَعْنَى: فَالشَّيْطَانُ وَلِيُّ الْمُشْرِكِينَ الْيَوْمَ، أَيْ مُتَوَلِّي أَمْرَهُمْ كَمَا كَانَ وَلِيَّ الْأُمَمِ مِنْ قَبْلِهِمْ إِذْ زَيَّنَ لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ، أَيْ لَا وَلِيَّ لَهُمُ الْيَوْمَ غَيْرُهُ رَدًّا

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست