responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 8
عَلَى الْأَحَقِّيَّةِ، كَمَا قُرِئَ فِي الشَّاذِّ فَلِلَّهِ خُمُسُهُ لِمَا يُفِيدُهُ الْإِتْيَانُ بِحَرْفِ (أَنَّ) مِنَ الْإِسْنَادِ مَرَّتَيْنِ تَأْكِيدًا، وَلِأَنَّ فِي حَذْفِ أَحَدِ رُكْنَيِ الْإِسْنَادِ تَكْثِيرًا لِوُجُوهِ الِاحْتِمَالِ فِي الْمُقَدَّرِ، مِنْ نَحْوِ تَقْدِيرِ: حَقٌّ، أَوْ ثَبَاتٌ، أَوْ لَازِمٌ، أَوْ وَاجِبٌ.
وَاللَّامُ لِلْمِلْكِ، أَوِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ أَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ لِلْغُزَاةِ الصَّادِقِ عَلَيْهِمْ ضَمِيرُ غَنِمْتُمْ فَثَبَتَ بِهِ أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ عَدَا خُمُسِهَا.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ حَقًّا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِمَا، وَكَانَ أَمْرُ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ رُبُعَ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ لِقَائِدِ الْجَيْشِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ «الْمِرْبَاعَ» بِكَسْرِ الْمِيمِ.
وَفِي عُرْفِ الْإِسْلَامِ إِذَا جُعِلَ شَيْءٌ حَقًّا لِلَّهِ، مِنْ غَيْرِ مَا فِيهِ عِبَادَةٌ لَهُ: أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِلَّذِينَ يَأْمُرُ اللَّهُ بِتَسْدِيدِ حَاجَتِهِمْ مِنْهُ، فَلِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْأَمْوَالِ مُسْتَحِقُّونَ عَيَّنَهُمُ الشَّرْعُ، فَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْخُمُسَ حَقُّ اللَّهِ يَصْرِفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَقَدْ شَاءَ فَوَكَّلَ صَرْفَهُ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ يَخْلُفُ رَسُولَهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ. وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ يَكُونُ الْخُمُسُ مَقْسُومًا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَشَذَّ أَبُو الْعَالِيَةِ رُفَيْعٌ [1] الرِّيَاحِيُّ وَلَاءً مِنَ التَّابِعِينَ، فَقَالَ: إِنَّ الْخُمُسَ يُقَسَّمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَيُعْزَلُ مِنْهَا سَهْمٌ فَيَضْرِبُ الْأَمِيرُ بِيَدِهِ عَلَى ذَلِكَ السَّهْمِ الَّذِي عَزَلَهُ فَمَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ يَدُهُ مِنْ ذَلِكَ جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ: أَيْ عَلَى وَجْهٍ يُشْبِهُ الْقُرْعَةَ، ثُمَّ يُقَسِّمُ بَقِيَّةَ ذَلِكَ السَّهْمِ عَلَى خَمْسَةٍ: سَهْمٍ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَهْمٍ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَسَهْمٍ لِلْيَتَامَى، وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ. وَنَسَبَ أَبُو الْعَالِيَةِ ذَلِكَ إِلَى فِعْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا الرَّسُولُ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فَلِحَقِّهِ حَالَتَانِ: حَالَةُ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ اللَّهِ بِمَا ائْتَمَنَهُ اللَّهُ عَلَى سَائِرِ مَصَالِحِ الْأُمَّةِ، وَحَالَةِ انْتِفَاعِهِ بِمَا يُحِبُّ انْتِفَاعَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ. فَلِذَلِكَ
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنَ الْخُمُسِ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ، وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ.
وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى

[1] بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء توفّي سنة تسعين على الصَّحِيح.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست