responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 41
وَذِكْرُ الْوُجُوهِ وَالْأَدْبَارِ لِلتَّعْمِيمِ، أَيْ: يَضْرِبُونَ جَمِيعَ أَجْسَادِهِمْ. فَالْأَدْبَارُ: جَمْعُ دُبُرٍ وَهُوَ مَا دَبَرَ مِنَ الْإِنْسَانِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [الْقَمَر: 45] .
وَكَذَلِكَ الْوُجُوهُ كِنَايَةٌ عَمَّا أَقْبَلَ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا كَقَوْلِ الْعَرَبِ: ضَرَبْتُهُ الظَّهْرَ وَالْبَطْنَ، كِنَايَةً عَمَّا أَقْبَلَ وَمَا أَدْبَرَ أَيْ ضَرَبْتُهُ فِي جَمِيع جسده.
و «الذَّوْق» مُسْتَعْمَلٌ فِي مُطْلَقِ الْإِحْسَاسِ، بِعَلَاقَةِ الْإِطْلَاقِ.
وَإِضَافَةُ الْعَذَابِ إِلَى الْحَرِيقِ مِنْ إِضَافَةِ الْجِنْسِ إِلَى نَوْعِهِ، لِبَيَانِ النَّوْعِ، أَيْ عَذَابًا هُوَ الْحَرِيقُ، فَهِيَ إِضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ.
والْحَرِيقِ هُوَ اضْطِرَامُ النَّارِ، وَالْمُرَادُ بِهِ جَهَنَّمُ، فَلَعَلَّ اللَّهَ عَجَّلَ بِأَرْوَاحِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى النَّارِ قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ، فَالْأَمْرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّكْوِينِ، أَيْ: يُذِيقُونَهُمْ، أَوْ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّشَفِّي، أَوِ الْمُرَادُ بقول الْمَلَائِكَة وَذُوقُوا إِنْذَارُهُمْ بِأَنَّهُمْ سَيَذُوقُونَهُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الذَّوْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْإِنْذَارِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ [إِبْرَاهِيم: 30] بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّمَتُّعَ يُؤْذِنُ بِشَيْءٍ سَيَحْدُثُ بَعْدَ التَّمَتُّعِ مُضَادٌّ لِمَا بِهِ التَّمَتُّعُ.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ إِلَى مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَجِيءَ بِإِشَارَةِ الْبَعِيدِ لِتَعْظِيمِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنَ الْأَهْوَالِ.
وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لِقَصْدِ التَّنْكِيلِ وَالتَّشَفِّي. وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَهِيَ، مَعَ الْمَجْرُورِ، خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ.
وَ «مَا» فِي قَوْلِهِ: بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ مَوْصُولَةٌ، وَمَعْنَى قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ أَسْلَفَتْهُ مِنَ الْأَعْمَالِ فِيمَا مَضَى، أَيْ مِنَ الشِّرْكِ وَفُرُوعِهِ مِنَ الْفَوَاحِشِ.
وَذِكْرُ الْأَيْدِي اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ بِتَشْبِيهِ الْأَعْمَالِ الَّتِي اقْتَرَفُوهَا، وَهِي مَا صدق بِما قَدَّمَتْ بِمَا يَجْتَنِيهِ الْمُجْتَنِي مِنَ الثَّمَرِ، أَوْ يَقْبِضُهُ الْبَائِعُ مِنَ الْأَثْمَانِ، تَشْبِيهُ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ، وَذُكِرَ رَدِيفُ الْمُشَبَّهِ وَهُوَ الْأَيْدِي الَّتِي هِيَ آلَةُ الِاكْتِسَابِ، أَيْ: بِمَا قَدَّمَتْهُ أَيْدِيكُمْ لَكُمْ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست