responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 283
وَجُعِلَ الْإِرْجَاعُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُخَلَّفِينَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِرْجَاعُ إِلَى الْحَدِيثِ مَعَهُمْ فِي مِثْلِ الْقِصَّةِ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بَيَانَ مُعَامَلَتِهِ مَعَ طَائِفَةٍ، اخْتُصِرَ الْكَلَامُ، فَقِيلَ: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِرْجَاعَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا جَرَتْ عَلَيْهِ عِبَارَاتُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ وَجَعَلُوهُ الْإِرْجَاعَ مِنْ سَفَرِ تَبُوكَ مَعَ أَنَّ السُّورَةَ كُلَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكَ بَلِ الْمُرَادُ الْمَجَازِيُّ، أَيْ تَكَرَّرَ الْخَوْضُ مَعَهُمْ مَرَّةً أُخْرَى.
وَالطَّائِفَةُ: الْجَمَاعَةُ وَتَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [154] . أَوْ قَوْلِهِ: فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [102] .
وَالْمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ هُنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُخَلَّفِينَ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ أَيْ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ يَبْتَغُونَ الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ، فَيَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لِلْغَزْوِ طَمَعًا فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُخَلَّفِينَ تَابُوا وَأَسْلَمُوا فَاسْتَأْذَنُوا لِلْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَنْعَهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ لِلْخَوْفِ مِنْ غَدْرِهِمْ إِنْ كَانُوا مُنَافِقِينَ أَوْ لِمُجَرَّدِ التَّأْدِيبِ لَهُمْ إِنْ كَانُوا قَدْ تَابُوا وَآمَنُوا.
وَمَا أُمِرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ صَالِحٌ لِلْوَجْهَيْنِ.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ النَّفْيِ بِ لَنْ وَبَيْنَ كَلِمَةِ أَبَداً تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى لَنْ لِانْتِفَاءِ خُرُوجِهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إِلَى الْغَزْوِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ.
وَجُمْلَةُ: إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلتِّعْدَادِ عَلَيْهِمْ وَالتَّوْبِيخِ، أَيْ إِنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْقُعُودَ وَتَرْضَوْنَ بِهِ فَقَدْ زِدْتُكُمْ مِنْهُ.
وَفِعْلُ: رَضِيتُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْقُعُودِ عَمَلٌ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَأْبَاهُ النَّاسُ
حَتَّى أُطْلِقَ عَلَى ارْتِكَابِهِ فِعْلُ رَضِيَ الْمُشْعِرُ بِالْمُحَاوَلَةِ وَالْمُرَاوَضَةِ. جُعِلُوا كَالَّذِي يُحَاوِلُ نَفْسَهُ عَلَى عَمَلٍ وَتَأْبَى حَتَّى يُرْضِيَهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ [التَّوْبَة: 38] وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
وَانْتَصَبَ أَوَّلَ مَرَّةٍ هُنَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّ الْمَرَّةَ هُنَا لَمَّا كَانَتْ فِي زَمَنٍ مَعْرُوفٍ لَهُمْ وَهُوَ زَمَنُ الْخُرُوجِ إِلَى تَبُوكَ ضَمِنَتْ مَعْنَى الزَّمَانِ. وَانْتِصَابُ الْمَصْدَرِ بِالنِّيَابَةِ عَنِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست