responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 275
فَالَّذِينَ يَلْمِزُونَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ جُمْلَةُ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ.
واللمز: الطَّعْنُ. وَتَقَدَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ [التَّوْبَة: 58] . وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ- بِضَمِّ الْمِيمِ- كَمَا قَرَأَ قَوْلَهُ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ [التَّوْبَة: 58] .
والْمُطَّوِّعِينَ أَصْلُهُ الْمُتَطَوِّعِينَ، أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا.
وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ بِجَعْلِ سَبَبِ اللَّمْزِ كَالظَّرْفِ لِلْمُسَبَّبِ.
وَعُطِفَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ عَلَى الْمُطَّوِّعِينَ وَهُمْ مِنْهُمُ، اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِمْ والجهد- بِضَمِّ الْجِيمِ- الطَّاقَةُ. وَأُطْلِقَتِ الطَّاقَةُ عَلَى مُسَبَّبِهَا النَّاشِئِ عَنْهَا.
وَحُذِفَ مَفْعُولُ يَجِدُونَ لِظُهُورِهِ مِنْ قَوْلِهِ: الصَّدَقاتِ أَيْ لَا يَجِدُونَ مَا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ إِلَّا جُهْدَهُمْ.
وَالْمُرَادُ لَا يَجِدُونَ سَبِيلًا إِلَى إِيجَادِ مَا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ إِلَّا طَاقَتَهُمْ، أَيْ جُهْدَ أَبْدَانِهِمْ.
أَوْ يَكُونُ وَجَدَ هُنَا هُوَ الَّذِي بِمَعْنَى كَانَ ذَا جِدَّةٍ، أَيْ غِنًى فَلَا يُقَدَّرُ لَهُ مَفْعُولٌ، أَيِ الَّذِينَ
لَا مَالَ لَهُمْ إِلَّا جُهْدَهُمْ وَهَذَا أَحْسَنُ.
وَفِيهِ ثَنَاءٌ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَالْعَمَلِ وَأَنَّهَا تَقُومُ مَقَامَ الْمَالِ.
وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي اعْتِبَارِ أُصُولِ الثَّرْوَةِ الْعَامَّةِ وَالتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْعَامِلِ.
والسخرية: الِاسْتِهْزَاءُ. يُقَالُ: سَخِرَ مِنْهُ، أَيْ حَصَلَتِ السُّخْرِيَةُ لَهُ من كَذَا، فَمن اتِّصَالِيَّةٌ.
وَاخْتِيرَ الْمُضَارِعُ فِي يَلْمِزُونَ وَيَسْخَرُونَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّكَرُّرِ.
وَإِسْنَادُ سَخِرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ الَّذِي حَسَّنَتْهُ الْمُشَاكَلَةُ لِفِعْلِهِمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ عَامَلَهُمْ مُعَامَلَةً تُشْبِهُ سُخْرِيَةَ السَّاخِرِ، عَلَى طَرِيقَةِ التَّمْثِيلِ، وَذَلِكَ فِي أَنْ أَمَرَ نَبِيَّهُ بِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ظَاهِرِهِمْ زَمَنًا ثُمَّ أَمْرِهِ بِفَضْحِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِطْلَاقُ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ، أَيِ احْتَقَرَهُمْ وَلَعَنَهُمْ وَلَمَّا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ حَاصِلًا مِنْ قَبْلُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي فِي سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست