responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 268
[74]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 74]
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (74)
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ.
لَمَّا كَانَ مُعْظَمُ مَا أُخِذَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ هُوَ كَلِمَاتٍ دَالَّةً عَلَى الطَّعْنِ فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ الْكُفْرِ وَكَانُوا إِذَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَنَصَّلُوا مِنْهُ بِالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ، عُقِّبَتْ آيَةُ الْأَمْرِ بِجِهَادِهِمْ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا يَتَنَصَّلُونَ بِهِ تَنَصُّلٌ كَاذِبٌ وَأَنْ لَا ثِقَةَ بِحَلِفِهِمْ، وَعَلَى إِثْبَاتِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي كُفْرِهِمْ. فَجُمْلَةُ يَحْلِفُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا يُثِيرُهُ الْأَمْرُ بِجِهَادِهِمْ مَعَ مُشَاهَدَةِ ظَاهِرِ أَحْوَالِهِمْ مِنَ التَّنَصُّلِ مِمَّا نُقِلَ عَنْهُمْ، إِنِ اعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْجُمْلَةِ تَكْذِيبَهُمْ فِي حَلْفِهِمْ.
وَقَدْ تَكُونُ الْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِالْجِهَادِ إِنِ اعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا قَوْلَهُ:
وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَمَا بَعْدَهُ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا أُخِّرَ لِلِاهْتِمَامِ بِتَكْذِيبِ أَيْمَانِهِمُ ابْتِدَاءً، وَأُتِيَ بِالْمَقْصُودِ فِي صُورَةِ جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَيْدَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُقَيَّدِ.
وَيُرَجِّحُ هَذَا أَنَّ مُعْظَمَ مَا فِي الْجُمْلَةِ هُوَ شَوَاهِدُ كُفْرِهِمْ وَنَقْضِهِمْ عَهْدَ الْإِسْلَامِ، إِذْ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ خُصُوصَ تَكْذِيبِهِمْ فِيمَا حَلَفُوا لَاقْتَصَرَ عَلَى إِثْبَاتِ مُقَابِلِهِ وَهُوَ وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ
الْكُفْرِ
، وَلَمْ يَكُنْ لِمَا بَعْدَهُ مَزِيدُ اتِّصَالٍ بِهِ.
وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْجُمْلَةُ مُسْتَحِقَّةٌ الْفَصْلَ دُونَ الْعَطْفِ.
وَمَفْعُولُ مَا قَالُوا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ.
وَأَكَّدَ صُدُورَ كَلِمَةِ الْكُفْرِ مِنْهُمْ، فِي مُقَابَلَةِ تَأْكِيدِهِمْ نَفْيَ صُدُورِهَا، بِصِيغَةِ الْقَسَمِ لِيَكُونَ تَكْذِيبُ قَوْلِهِمْ مُسَاوِيًا لِقَوْلِهِمْ فِي التَّأْكِيدِ.
وَكلمَة الْكُفْرِ الْكَلَامُ الدَّالُّ عَلَيْهِ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ الَّذِي يَتَرَكَّبُ مِنْهُ وَمِنْ مِثْلِهِ الْكَلَامُ الْمُفِيدُ، وَتُطْلَقُ الْكَلِمَةُ عَلَى الْكَلَامِ إِذَا كَانَ كَلَامًا جَامِعًا مُوجَزًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها [الْمُؤْمِنُونَ: 8]
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ:

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 268
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست