responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 262
اللَّهُ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ نُظِمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الأسلوب البديع إِذا ابْتُدِئَ فِيهِ بِنَفْيِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ ظَلَمَهُمُ اهْتِمَامًا بِذَلِكَ لِفَرْطِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِسُوءِ صُنْعِهِمْ حَتَّى جَعَلَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُفَرَّعُ وَجَعَلَ الْمُفَرَّعَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى فِي صُورَةِ الِاسْتِدْرَاكِ.
وَنُفِيَ الظُّلْمُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَبْلَغِ وَجْهٍ، وَهُوَ النَّفْيُ الْمُقْتَرِنُ بِلَامِ الْجُحُودِ، بَعْدَ فِعْلِ الْكَوْنِ الْمَنْفِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ مِنْ سُورَةِ الْعُقُودِ [6] .
وَأُثْبِتَ ظُلْمُهُمْ أَنْفُسَهُمْ لَهُمْ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ إِذْ أُسْنِدَ إِلَيْهِمْ بِصِيغَةِ الْكَوْنِ الْمَاضِي، الدَّالِّ عَلَى تَمَكُّنِ الظُّلْمِ مِنْهُمْ مُنْذُ زَمَانٍ مَضَى، وَصِيغَ الظُّلْمُ الْكَائِنُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالتَّكَرُّرِ، أَيْ عَلَى تَكْرِيرِ ظُلْمِهِمْ أَنْفُسَهُمْ فِي الْأَزْمِنَة الْمَاضِيَة.
[71]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 71]
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)
هَذِهِ تُقَابِلُ قَوْلَهُ: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التَّوْبَة: 67] لِبَيَانِ أَنَّ الطَّائِفَةَ الَّتِي يَنَالُهَا الْعَفْوُ هِيَ الْمُلْتَحِقَةُ بِالْمُؤْمِنِينَ.
فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التَّوْبَة: 67] وَمَا بَيْنَهُمَا جُمَلٌ تَسَلْسَلَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ.
وَقَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ مُقَابِلٌ قَوْلَهُ: فِي الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التَّوْبَة: 67] . وَعَبَّرَ فِي جَانِبِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِأَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ اللُّحْمَةَ
الْجَامِعَةَ بَيْنَهُمْ هِيَ وَلَايَةُ الْإِسْلَامِ، فَهُمْ فِيهَا عَلَى السَّوَاءِ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُقَلِّدًا لِلْآخَرِ وَلَا تَابِعًا لَهُ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ لِمَا فِي مَعْنَى الْوَلَايَةِ مِنَ الْإِشْعَارِ بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّنَاصُرِ بِخِلَافِ الْمُنَافِقِينَ فكأنّ بَعضهم ناشىء مِنْ بَعْضٍ فِي مَذَامِّهِمْ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست