responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 259
وَقَوْلُهُ: كَالَّذِي خاضُوا تَشْبِيهٌ لِخَوْضِ الْمُنَافِقِينَ بِخَوْضِ أُولَئِكَ وَهُوَ الْخَوْضُ الَّذِي حُكِيَ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ: لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التَّوْبَة: 65] وَلِبَسَاطَةِ هَذَا التَّشْبِيهِ لَمْ يُؤْتَ فِيهِ بِمِثْلِ الْأُسْلُوبِ الَّذِي أُتِيَ بِهِ فِي التَّشْبِيهِ السَّابِقِ لَهُ. أَيْ: وَخُضْتُمْ فِي الْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَالْخَوْضِ الَّذِي خَاضُوهُ فِي ذَلِكَ، فَأَنْتُمْ وَهَمَ سَوَاءٌ، فَيُوشِكُ أَنْ يَحِيقَ بِكُمْ مَا حَاقَ بِهِمْ، وَكَلَامُنَا فِي هَذَيْنِ التَّشْبِيهَيْنِ أَدَقُّ مَا كتب فيهمَا.
وكَالَّذِي اسْمٌ مَوْصُولٌ، مُفْرَدٌ، وَإِذْ كَانَ عَائِدُ الصِّلَةِ هُنَا ضَمِيرَ جَمْعٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ المُرَاد ب كَالَّذِي: تَأْوِيلُهُ بِالْفَرِيقِ أَوِ الْجَمْعِ، وَيَجُوزُ أَن يكون كَالَّذِي هُنَا أَصْلُهُ الَّذِينَ فَخُفِّفَ بِحَذْفِ النُّونِ عَلَى لُغَةِ هُذَيْلٍ وَتَمِيمٍ كَقَوْلِ الْأَشْهب بن زميلة النَّهْشَلِيِّ:
وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ
وَنُحَاةُ الْبَصْرَةِ يَرَوْنَ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ خَاصًّا بِحَالَةِ أَنْ تَطُولَ الصِّلَةُ كَالْبَيْتِ فَلَا يَنْطَبِقُ
عِنْدَهُمْ عَلَى الْآيَةِ، وَنُحَاةُ الْكُوفَةِ يُجَوِّزُونَهُ وَلَوْ لَمْ تَطُلِ الصِّلَةُ، كَمَا فِي الْآيَةِ، وَقَدِ ادَّعَى الْفَرَّاءُ: أَنَّ الَّذِي يَكُونُ مَوْصُولًا حَرْفِيًّا مُؤَوَّلًا بِالْمَصْدَرِ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَلَمَّا وُصِفَتْ حَالَةُ الْمُشَبَّهِ بِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْبَائِدَةِ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَانُوا جَدِيرِينَ بِمَا سَيُخْبَرُ بِهِ عَنْهُمْ، فَقَالَ تَعَالَى: أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الَّذِينَ شَابَهُوهُمْ فِي أَحْوَالِهِمْ أَحْرِيَاءُ بِأَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ، وَفِي هَذَا التَّعْرِيضِ مِنَ التَّهْدِيدِ وَالنِّذَارَةِ مَعْنًى عَظِيمٌ.
وَالْخَوْضُ: تَقَدَّمَتِ الْحَوَالَةُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ آنِفًا.
وَالْحَبْطُ: الزَّوَالُ وَالْبُطْلَانُ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [217] .
وَالْمُرَادُ بِأَعْمَالِهِمْ: مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ: مِنْ مُعَالَجَةِ الْأَمْوَالِ وَالْعِيَالِ وَالِانْكِبَابِ عَلَيْهِمَا، وَمَعْنَى حَبْطِهَا فِي الدُّنْيَا اسْتِئْصَالُهَا وَإِتْلَافُهَا بِحُلُولِ مُخْتَلِفِ الْعَذَابِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست