responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 254
أَحْوَالِ النِّفَاقِ وَآثَارِهِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْعَذَابِ، فَفَصَلَ هَاتِهِ الْجُمْلَةَ عَنِ الَّتِي قَبْلَهَا: إِمَّا لِأَنَّهَا كَالْبَيَانِ لِلطَّائِفَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ الْعَذَابَ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا فِي حُكْمِ الِاعْتِرَاضِ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [التَّوْبَة: 69] وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ اعْتِرَاضًا هِيَ وَالَّتِي بَعْدَهَا بَيْنَ الْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَيْنَ جُمْلَةِ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً [التَّوْبَة: 69] كَمَا سَيَأْتِي هُنَالِكَ.
وَزِيدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرُ الْمُنافِقاتُ تَنْصِيصًا عَلَى تَسْوِيَةِ الْأَحْكَامِ لِجَمِيعِ الْمُتَّصِفِينَ بِالنِّفَاقِ: ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، كَيْلَا يَخْطُرَ بِالْبَالِ أَنَّ الْعَفْوَ يُصَادِفُ نِسَاءَهُمْ، وَالْمُؤَاخَذَةَ خَاصَّةٌ بِذُكْرَانِهِمْ، لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ لِنِسَاءِ الْمُنَافِقِينَ حَظًّا مِنْ مُشَارَكَةِ رِجَالِهِنَّ فِي النِّفَاقِ فَيَحْذَرُوهُنَّ.
ومِنْ فِي قَوْلِهِ: بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ اتِّصَالِيَّةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعْنَى اتِّصَالِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَهُوَ تَبْعِيضٌ مَجَازَيٌّ مَعْنَاهُ الْوَصْلَةُ وَالْوِلَايَةُ، وَلَمْ يُطْلَقْ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الْوِلَايَةِ كَمَا أُطْلِقَ عَلَى اتِّصَالِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التَّوْبَة: 71] لِمَا سَيَأْتِي هُنَالِكَ.
وَقَدْ شَمِلَ قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ جَمِيعَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ، لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ هُوَ بَعْضٌ مِنَ الْجَمِيعِ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ بَعْضٍ مُتَّصِلًا بِبَعْضٍ آخَرَ، عُلِمَ أَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْأَحْوَالِ.
وَجُمْلَةُ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ مُبَيِّنَةٌ لِمَعْنَى الِاتِّصَالِ وَالِاسْتِوَاءِ فِي الْأَحْوَالِ.
وَالْمُنْكِرُ: الْمَعَاصِي لِأَنَّهَا يُنْكِرُهَا الْإِسْلَامُ.
وَالْمَعْرُوفُ: ضِدُّهَا، لِأَنَّ الدِّينَ يَعْرِفُهُ، أَيْ يَرْضَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [104] .
وَقَبْضُ الْأَيْدِي: كِنَايَةٌ عَنِ الشُّحِّ، وَهُوَ وَصْفُ ذَمٍّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْقَسْوَةِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ الشُّحُّ عَلَى الْفُقَرَاءِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست