responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 252
تُقْطَعَ وَلَا تُعْطَفَ لِأَنَّ التَّوْبِيخَ يَقْتَضِي التَّعْدَادَ، فَتَقَعُ الْجُمَلُ الْمُوَبَّخُ بِهَا مَوْقِعَ الْأَعْدَادِ الْمَحْسُوبَةِ نَحْوَ وَاحِدٌ، اثْنَانِ، فَالْمَعْنَى لَا حَاجَةَ بِكُمْ لِلِاعْتِذَارِ عَنِ التَّنَاجِي فَإِنَّكُمْ قَدْ عُرِفْتُمْ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَشْنَعُ.
وَالنَّهْيُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّسْوِيَةِ وَعَدَمِ الْجَدْوَى.
وَجُمْلَةُ: قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فِي مَوْضِعِ الْعِلَّةِ مِنْ جُمْلَةِ: لَا تَعْتَذِرُوا تَعْلِيلًا لِلنَّهْيِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّسْوِيَةِ وَعَدَمِ الْجَدْوَى.
وَقَوْلُهُ: قَدْ كَفَرْتُمْ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْكُفْرِ فِي الْمَاضِي، أَيْ قَبْلَ الِاسْتِهْزَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ كُفْرُهُمْ مِنْ قَبْلُ. وَالْمُرَادُ بِإِسْنَادِ الْإِيمَانِ إِلَيْهِمْ: إِظْهَارُ الْإِيمَانِ، وَإِلَّا فَهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا إِيمَانًا صَادِقًا. وَالْمُرَادُ بِإِيمَانِهِمْ: إِظْهَارُهُمُ الْإِيمَانَ، لَا وُقُوعُ حَقِيقَتِهِ. وَقَدْ أَنْبَأَ عَنْ ذَلِكَ إِضَافَةُ الْإِيمَانِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ دُونَ تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ بِاللَّامِ الْمُفِيدَةِ لِلْحَقِيقَةِ، أَيْ بَعْدَ إِيمَانٍ هُوَ مِنْ شَأْنِكُمْ، وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ الْإِيمَانُ الصُّورِيُّ غَيْرُ الْحَقِّ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
الْآتِي وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ [التَّوْبَة: 74] وَهَذَا مِنْ لَطَائِفِ الْقُرْآن.
إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ.
جَاءَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَعْقِيبِ النِّذَارَةِ بِالتَّبْشِيرِ لِلرَّاغِبِ فِي التَّوْبَةِ تَذْكِيرًا لَهُ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ حَالِهِ.
وَلَمَّا كَانَ حَالُ الْمُنَافِقِينَ عَجِيبًا كَانَتِ الْبِشَارَةُ لَهُمْ مَخْلُوطَةً بِبَقِيَّةِ النِّذَارَةِ، فَأَنْبَأَهُمْ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ قَدْ يُعْفَى عَنْهَا إِذَا طَلَبَتْ سَبَبَ الْعَفْوِ: بِإِخْلَاصِ الْإِيمَانِ، وَأَنَّ طَائِفَةً تَبْقَى فِي حَالَةِ الْعَذَابِ، وَالْمَقَامُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَبَثًا وَلَا تَرْجِيحًا بِدُونِ مُرَجِّحٍ، فَمَا هُوَ إِلَّا أَنَّ طَائِفَةً مَرْجُوَّةُ الْإِيمَانِ، فَيُغْفَرُ عَمَّا قَدَّمَتْهُ مِنَ النِّفَاقِ، وَأُخْرَى تُصِرُّ عَلَى النِّفَاقِ حَتَّى الْمَوْتِ، فَتَصِيرُ إِلَى الْعَذَابِ. وَالْآيَاتُ الْوَارِدَةُ بَعْدَ هَذِهِ تَزِيدُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ وُضُوحًا مِنْ قَوْلِهِ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ- إِلَى قَوْلِهِ- عَذابٌ مُقِيمٌ [التَّوْبَة: 67، 68] . وَقَوْلُهُ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست