responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 240
يُعْطَوْنَ. وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُعْطَوْنَ. وَالْحَقُّ أَنَّ سَبِيلَ اللَّهِ يَشْمَلُ شِرَاءَ الْعُدَّةِ لِلْجِهَادِ مِنْ سِلَاحٍ، وَخَيْلٍ، وَمَرَاكِبَ بَحْرِيَّةٍ، وَنُوتِيَّةٍ، وَمَجَانِيقَ، وَلِلْحُمْلَانِ، وَلِبِنَاءِ الْحُصُونِ، وَحَفْرِ الْخَنَادِقِ، وَلِلْجَوَاسِيسِ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِأَخْبَارِ الْعَدُوِّ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ لَهُ مُخَالِفًا، وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ يَدْخُلُ فِي مَصَارِفِ الصَّدَقَاتِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَهَذَا اجْتِهَادٌ وَتَأْوِيلٌ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: «وَمَا جَاءَ أَثَرٌ قَطُّ بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ فِي الْحَجِّ» .
وَأَمَّا ابْنُ السَّبِيلِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْغَرِيبِ الْمُحْتَاجِ فِي بَلَدِ غُرْبَتِهِ أَنَّهُ مُرَادٌ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ، إِذْ لَيْسَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ تَحْتَ مِنَّةٍ. وَاخْتُلِفَ فِي الْغَنِيِّ: فَالْجُمْهُورُ قَالُوا: لَا يُعْطَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْبَغُ: يُعْطَى وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا فِي بَلَدِ غُرْبَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنَى فَرَضَ اللَّهُ أَوْ أَوْجَبَ، فَأَكَّدَ بِفَرِيضَةٍ مِنْ لَفْظِ الْمُقَدَّرِ وَمَعْنَاهُ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا تَعْظِيمُ شَأْنِ هَذَا الْحُكْمِ وَالْأَمْرُ بِالْوُقُوفِ عِنْدَهُ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ تَذْيِيلٌ إِمَّا أَفَادَهُ الْحَصْرُ بِ إِنَّمَا فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ إِلَخْ، أَيْ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ فِي قَصْرِ الصَّدَقَاتِ عَلَى هَؤُلَاءِ، أَيْ أَنَّهُ صَادِرٌ عَنِ الْعَلِيمِ الَّذِي يَعْلَمُ مَا يُنَاسِبُ فِي الْأَحْكَامِ، والحكيم الَّذِي أَحْكَمَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي خَلَقَهَا أَوْ شَرَعَهَا. وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ يَكُونُ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى رَأْي المحقّقين.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 240
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست