responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 211
وَ (حَتَّى) غَايَةٌ لِفِعْلِ أَذِنْتَ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ كَانَ فِي حُكْمِ الْمَنْفِيِّ فَالْمَعْنَى: لَا مُقْتَضِيَ لِلْإِذْنِ لَهُمْ إِلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ.
وَفِي زِيَادَةِ لَكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: يَتَبَيَّنَ زِيَادَةُ مُلَاطَفَةٍ بِأَنَّ الْعِتَابَ مَا كَانَ إِلَّا عَنْ تَفْرِيطٍ فِي شَيْءٍ يَعُودُ نَفْعُهُ إِلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ صَدَقُوا: الصَّادِقُونَ فِي إِيمَانِهِمْ، وَبِالْكَافِرِينَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ. فَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ صدقُوا الْمُؤْمِنُونَ.
[44]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 44]
لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44)
هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ الْبَيَانِ لِجُمْلَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ [التَّوْبَة: 43] . وَمَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التَّوْبَة: 43] أَوْ هِيَ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ لِمَا تُثِيرُهُ جُمْلَةُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ [التَّوْبَة: 43] وَالِاعْتِبَارَاتُ مُتَقَارِبَةٌ وَمَآلُهَا وَاحِدٌ.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ شَأْنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتُنْفِرُوا أَنْ لَا يَسْتَأْذِنُوا النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّخَلُّفِ
عَنِ الْجِهَادِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْأَعْذَارِ: كَالْعُمْيِ، فَهُمْ لَا يَسْتَنْفِرُهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَخَلَّفُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ تَخَلَّفُوا وَلَمْ يَسْتَأْذِنُوا فِي التَّخَلُّفِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نِيَّةِ اللِّحَاقِ بِالْجَيْشِ بَعْدَ خُرُوجِهِ.
وَالِاسْتِئْذَانُ: طَلَبُ الْإِذْنِ، أَيْ فِي إِبَاحَةِ عَمَلٍ وَتَرْكِ ضِدِّهِ، لِأَنَّ شَأْنَ الْإِبَاحَةِ أَنْ تَقْتَضِيَ التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ.
وَالِاسْتِئْذَانُ يُعَدَّى بِ (فِي) . فَقَوْلُهُ: أَنْ يُجاهِدُوا فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِ (فِي) الْمَحْذُوفَةِ، وَحَذْفُ الْجَارِّ مَعَ أَنْ مُطَّرِدٌ شَائِعٌ.
وَلَمَّا كَانَ الِاسْتِئْذَانُ يَسْتَلْزِمُ شَيْئَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، كَمَا قُلْنَا، جَازَ أَنْ يُقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ فِي كَذَا وَاسْتَأْذَنْتُ فِي تَرْكِ كَذَا. وَإِنَّمَا يُذْكَرُ غَالِبًا مَعَ فِعْلِ الِاسْتِئْذَانِ الْأَمْرُ الَّذِي يَرْغَبُ الْمُسْتَأْذِنُ الْإِذْنَ فِيهِ دُونَ ضِدِّهِ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُ كِلَيْهِمَا صَحِيحًا.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست