responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 192
الْإِيمَانِ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ [الْبَقَرَة: 143] ، أَيْ صَلَاتَكُمْ. عَلَى أَنَّ إِطْلَاقَ اسْمِ الْإِيمَانِ عَلَى أَعْمَالِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَإِطْلَاقَ اسْمِ الْكُفْرِ عَلَى أَعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّا طَفَحَتْ بِهِ أَقْوَالُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ اتِّفَاقِ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ غَيْرُ الِاعْتِقَادِ لَا تَقْتَضِي إِيمَانًا وَلَا كُفْرًا.
وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَتَأْوِيلُهُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ زِيَادَةٍ فِي أَحْوَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ، أَيْ أَمْرٍ مِنَ الضَّلَالِ زِيدَ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ بِضِدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً [مَرْيَم: 76] . وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ مُتَقَارِبَانِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالِاعْتِبَارِ، فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنَّ إِطْلَاقَ الْكُفْرِ فِيهِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ إِطْلَاقَ الْكُفْرِ فِيهِ إِيجَازُ حَذْفٍ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ.
وَجُمْلَةُ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا خَبَرٌ ثَانٍ عَنِ النَّسِيءِ أَيْ هُوَ ضَلَالٌ مُسْتَمِرٌّ، لِمَا اقْتَضَاهُ الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ مِنَ التَّجَدُّدِ.
وَجُمْلَةُ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا بَيَانٌ لِسَبَبِ كَوْنِهِ ضَلَالًا.
وَقَدِ اخْتِيرَ الْمُضَارِعُ لِهَذِهِ الْأَفْعَالِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى التَّجَدُّدِ وَالِاسْتِمْرَارِ، أَيْ هُمْ فِي ضَلَالٍ مُتَجَدِّدٍ مُسْتَمِرٍّ بِتَجَدُّدِ سَبَبِهِ، وَهُوَ تَحْلِيلُهُ تَارَةً وَتَحْرِيمُهُ أُخْرَى، وَمُوَاطَأَةُ عِدَّةِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.
وَإِسْنَادُ الضَّلَالِ إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا يَقْتَضِي أَنَّ النَّسِيءَ كَانَ عَمَلُهُ مُطَّرِدًا بَيْنَ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ فَمَا وَقَعَ فِي «تَفْسِيرِ الطَّبَرَيِّ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ مِنْ قَوْلِهِمَا وَكَانَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَبَنُو سَلِيمٍ يَفْعَلُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ اخْتِصَاصُهُمْ بالنسيء ولكنّهم ابتدأوا بِمُتَابَعَتِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُضَلُّ- بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ- وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفُ، وَيَعْقُوبُ- بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ- عَلَى أَنَّهُمْ يُضِلُّونَ غَيْرَهُمْ.
وَالتَّنْكِيرُ وَالْوَحْدَةُ فِي قَوْلِهِ: عَامًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلنَّوْعِيَّةِ، أَيْ يُحِلُّونَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ وَيُحَرِّمُونَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ، فَهُوَ كَالْوَحْدَةِ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَوْمًا بِحُزْوَى وَيَوْمًا بِالْعَقِيقِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 192
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست