responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 18
تَهْوِينَ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَلَا أَعَدُّوا لِلْحَرْبِ عُدَّتَهَا، وَجَعَلُوا مَقَامَهُمْ هُنَالِكَ مَقَامَ لَهْوٍ وَطَرَبٍ، فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ سَبَبًا لِنَصْرِ
الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَرَأَوْا كَيْفَ أَنْجَزَ اللَّهُ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ مِنَ النَّصْرِ الَّذِي لَمْ يَكُونُوا يَتَوَقَّعُونَهُ. فَالَّذِينَ خُوطِبُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ هُمْ أَعْلَمُ السَّامِعِينَ بِفَائِدَةِ التَّوْقِيتِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا الْآيَةَ. وَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ عَلَى الْمُفَسِّرِ وَصْفُ الْحَالَةِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا الْآيَةُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ هَذَا التَّقْيِيدُ بِالْوَقْتِ قَلِيلَ الْجَدْوَى.
وَجُمْلَةُ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ من الْجَمْعانِ [الْأَنْفَال: 41] وَعَامِلُ الْحَالِ فعل الْتَقَى [الْأَنْفَال: 41] أَيْ فِي حَالِ لِقَاءٍ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، قَدْ جَاءَ أَلْزَمَ مِمَّا لَوْ كَانَ عَلَى مِيعَادٍ، فَإِنَّ اللِّقَاءَ الَّذِي يَكُونُ مَوْعُودًا قَدْ يَتَأَخَّرُ فِيهِ أَحَدُ الْمُتَوَاعِدَيْنِ عَنْ وَقْتِهِ، وَهَذَا اللِّقَاءُ قَدْ جَاءَ فِي إِبَّانٍ مُتَّحِدٍ وَفِي مَكَانٍ مُتَجَاوِرٍ مُتَقَابِلٍ.
وَمَعْنَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمِيعَادِ: اخْتِلَافُ وَقْتِهِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَنِ الْوَقْتِ الْمَحْدُودِ فَلَمْ يَأْتُوا عَلَى سَوَاءٍ.
وَالتَّلَازُمُ بَيْنَ شَرْطِ لَوْ وَجَوَابِهَا خَفِيَ هُنَا وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى الْمُفَسِّرِينَ، وَمِنْهُمْ مَنِ اضْطُرَّ إِلَى تَقْدِيرِ كَلَامٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: ثُمَّ علمْتُم قلّتكم وكثرتكم، وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى التَّخَلُّفِ عَنِ الْحُضُورِ لَا إِلَى الِاخْتِلَافِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ: وَعَلِمْتُمْ قِلَّتَكُمْ وَشَعَرَ الْمُشْرِكُونَ بِالْخَوْفِ مِنْكُمْ لِمَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ، أَيْ يَجْعَلُ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ يَتَثَاقَلُ فَلَمْ تَحْضُرُوا عَلَى مِيعَادٍ، وَهُوَ يُفْضِي إِلَى مَا أَفْضَى إِلَيْهِ الْقَوْلُ الَّذِي قَبْلَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ لِمَا لَا يَخْلُو عَنْهُ النَّاسُ مِنْ عُرُوضِ الْعَوَارِضِ وَالْقَوَاطِعِ، وَهَذَا أَقْرَبُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْثَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ.
فَالْوَجْهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ لَوْ هَذِهِ مِنْ قَبِيلِ (لَوِ) الصُّهَيْبِيَّةِ فَإِنَّ لَهَا اسْتِعْمَالَاتٍ مِلَاكُهَا: أَنْ لَا يُقْصَدَ مِنْ (لَوْ) رَبْطُ انْتِفَاءِ مَضْمُونِ جَوَابِهَا بِانْتِفَاءِ مَضْمُونِ شَرْطِهَا، أَيْ رَبْطُ حُصُولِ نَقِيضِ مَضْمُونِ الْجَوَابِ بِحُصُولِ نَقِيضِ مَضْمُونِ الشَّرْطِ، بَلْ يُقْصَدُ أَنَّ مَضْمُونَ الْجَوَابِ حَاصِلٌ لَا مَحَالَةَ، سَوَاءٌ فُرِضَ حُصُولُ مَضْمُونِ شَرْطِهَا أَوْ فُرِضَ انْتِفَاؤُهُ، أَمَّا لِأَنَّ مَضْمُونَ الْجَوَابِ أَوْلَى بِالْحُصُولِ عِنْدَ انْتِفَاءِ مَضْمُونِ الشَّرْطِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ [فاطر: 14] ، وَأَمَّا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَوْلَوِيَّةِ مَضْمُونِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست