responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 179
وَبِإِضَافَةِ النَّارِ إِلَى جَهَنَّمَ عُلِمَ أَنَّ الْمَحْمِيَّ هُوَ نَارُ جَهَنَّمَ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ نَارٍ فِي الْحَرَارَةِ فَجَاءَ تَرْكِيبًا بَدِيعًا مِنَ الْبَلَاغَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إِيجَازٍ.
وَالْكَيُّ: أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْجِلْدِ جَمْرٌ أَوْ شَيْءٌ مُشْتَعِلٌ.
وَالْجِبَاهُ: جَمْعُ جَبْهَةٍ وَهِيَ أَعْلَى الْوَجْهِ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ.
وَالْجُنُوبُ: جَمْعُ جَنْبٍ وَهُوَ جَانِبُ الْجَسَدِ مِنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ.
وَالظُّهُورُ: جَمْعُ ظَهَرٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَنْفَقَةِ إِلَى مُنْتَهَى فَقَارِ الْعَظْمِ.
وَالْمَعْنَى: تَعْمِيمُ جِهَاتِ الْأَجْسَادِ بِالْكَيِّ فَإِنَّ تِلْكَ الْجِهَاتِ مُتَفَاوِتَةٌ وَمُخْتَلِفَةٌ فِي الْإِحْسَاسِ بِأَلَمِ الْكَيِّ، فَيَحْصُلُ مَعَ تَعْمِيمِ الْكَيِّ إِذَاقَةٌ لِأَصْنَافٍ مِنَ الْآلَامِ.
وَسُلِكَ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ التَّعْمِيمِ مَسْلَكُ الْإِطْنَابِ بِالتَّعْدَادِ لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ ذَلِكَ الْعِقَابِ الْأَلِيمِ، تَهْوِيلًا لِشَأْنِهِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: فَتُكْوَى بِهَا أَجْسَادُهُمْ.
وَكَيْفِيَّةُ إِحْضَارِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لتحمى من شؤون الْآخِرَةِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَاتِ الْمَأْلُوفَةِ فَبِقُدْرَةِ اللَّهِ تُحْضَرُ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ أَوْ أَمْثَالُهَا كَمَا
وَرَدَ فِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةَ فِي «الْمُوَطَّأ» و «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّهُ يُمَثَّلُ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَقُولُ: «أَنَا مَالك أَنا كنزلك»
وَبِقُدْرَةِ اللَّهِ يُكْوَى الْمُمْتَنِعُونَ مِنْ إِنْفَاقِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَدَاوَلَ أَعْيَانَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي الدُّنْيَا بِانْتِقَالِهَا مِنْ يَدٍ إِلَى يَدٍ، وَمِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَمِنْ عَصْرٍ إِلَى عَصْرٍ.
وَجُمْلَةُ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، وَحَذْفُ الْقَوْلِ فِي مِثْلِهِ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى الْمَحْمِيِّ، وَزِيَادَةُ قَوْلِهِ: لِأَنْفُسِكُمْ لِلتَّنْدِيمِ وَالتَّغْلِيظِ وَلَامُ التَّعْلِيلِ مُؤْذِنَةٌ بِقَصْدِ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي عُلِّلَ بِهَا هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُخَاطَبِ، وَهُوَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا لِأَجْلِ نَفْسِهِ إِلَّا لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ رَاحَتِهَا وَنَفْعِهَا، فَلَمَّا آلَ بِهِمُ الْكَنْزُ إِلَى الْعَذَابِ الْأَلِيمِ كَانُوا قَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا فِيمَا انْتَفَعُوا بِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، بِمَا كَانَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً مِنْ أَلَمِ الْعَذَابِ وَجُمْلَةُ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ تَوْبِيخٌ وَتَنْدِيمٌ.
وَالْفَاءُ فِي فَذُوقُوا لِتَفْرِيعِ مَضْمُونِ جُمْلَةِ التَّوْبِيخِ عَلَى جُمْلَةِ التَّنْدِيمِ الْأُولَى.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست