responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 157
فَالضِّيقُ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: بِما رَحُبَتْ اسْتُعِيرَ وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ تَمْثِيلًا لِحَالِ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْخَلَاصَ مِنْ شِدَّةٍ بِسَبَبِ اخْتِلَالِ قُوَّةِ تَفْكِيرِهِ، بِحَالِ مَنْ هُوَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ مِنَ الْأَرْضِ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ تَجَاوُزَهُ وَلَا الِانْتِقَالَ مِنْهُ.
فالباء للملابسة، وبِما مَصْدَرِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ: ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلَابِسَةً لِرُحْبِهَا أَيْ سِعَتِهَا: أَيْ فِي حَالَةِ كَوْنِهَا لَا ضِيقَ فِيهَا وَهَذَا الْمَعْنَى كَقَوْلِ الطِّرِمَّاحِ بْنِ حَكِيمٍ:
مَلَأْتُ عَلَيْهِ الْأَرْضَ حَتَّى كَأَنَّهَا ... مِنَ الضِّيقِ فِي عَيْنَيْهِ كِفَّةُ حَابِلِ
قَالَ الْأَعْلَمُ «أَي من الزعر» هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْآخَرِ:
كَأَنَّ فِجَاجَ الْأَرْضِ وَهِيَ عَرِيضَةٌ ... عَلَى الْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ كِفَّةُ حَابِلِ
وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ مَعْنَى وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ لَمْ تَهْتَدُوا إِلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ تَفِرُّونَ إِلَيْهِ فَكَأَنَّ الْأَرْضَ ضَاقَتْ عَلَيْكُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْمَلَ فَقَالَ: أَيْ لِشِدَّةِ الْحَالِ وَصُعُوبَتِهَا.
وَمَوْقِعُ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ مَوْقِعُ التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ، أَيْ: وَأَعْظَمُ مِمَّا نَالَكُمْ مِنَ الشَّرِّ أَنْ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.
وَالتَّوَلِّي: الرُّجُوعُ، ومُدْبِرِينَ حَالٌ: إِمَّا مُؤَكِّدَةٌ لِمَعْنَى وَلَّيْتُمْ أَوْ أُرِيدَ بِهَا إِدْبَارٌ أَخَصُّ مِنَ التَّوَلِّي، لِأَنَّ التَّوَلِّيَ مُطْلَقٌ يَكُونُ لِلْهُرُوبِ، وَيَكُونُ لِلْفَرِّ فِي حِيَلِ الْحُرُوبِ، وَالْإِدْبَارُ شَائِعٌ فِي الْفِرَارِ الَّذِي لَمْ يُقْصَدُ بِهِ حِيلَةً فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوَلِّي اصْطِلَاحا حَرْبِيّا.
[26]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 26]
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (26)
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ [التَّوْبَة: 25] .
وثُمَّ دَالَّةٌ عَلَى التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ فَإِنَّ نُزُولَ السَّكِينَةِ وَنُزُولَ الْمَلَائِكَةِ أَعْظَمُ مِنَ النَّصْرِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست