responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 143
لِلْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا: أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمُ الْأَحِقَّاءُ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ دَلَّ ذَلِكَ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَا يَحِقُّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُبَاشِرَ فِيهِ عَمَلَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْخَاصَّةِ بِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مَثَارَ ظَنٍّ بِأَنَّ الْقِيَامَ بِشَعَائِرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُسَاوٍ لِلْقِيَامِ بِأَفْضَلِ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ.
وَأَحْسَنُ مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ: مَا
رَوَاهُ الطَّبَرَيُّ، وَالْوَاحِدِيُّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ «مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أَسْقِيَ الْحَاجَّ» وَقَالَ آخَرُ «بَلْ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» وَقَالَ آخَرُ «بَلِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا قُلْتُمْ» فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَ: «لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستفيته فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ» قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ. . - إِلَى -. . وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ سَرَى هَذَا التَّوَهُّمُ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَرُوِيَ أَنَّ الْعَبَّاسَ رَامَ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ وَيَتْرُكَ الْهِجْرَةَ لِأَجْلِ الشَّغْلِ بِسِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالزَّائِرِ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ رَامَ مِثْلَ ذَلِكَ، لِلْقِيَامِ بِحِجَابَةِ الْبَيْتِ.
وَرَوَى الطَّبَرَيُّ، وَالْوَاحِدِيُّ: أَنَّ مُمَارَاةً جَرَتْ بَيْنَ الْعَبَّاسِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِبَدْرٍ، وَأَنَّ عَلِيًّا عَيَّرَ الْعَبَّاسَ بِالْكُفْرِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: «مَا
لَكُمْ لَا تَذْكُرُونَ مَحَاسِنَنَا إِنَّا لَنَعْمُرُ مَسْجِدَ اللَّهِ وَنَحْجِبُ الْكَعْبَةَ وَنَسَقِي الْحَاجَّ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ

الْآيَةَ.
وَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ.
وَ (السِّقَايَةُ) صِيغَةٌ لِلصِّنَاعَةِ، أَيْ صِنَاعَةُ السَّقْيِ، وَهِيَ السَّقْيُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَلِذَلِكَ أُضِيفَتِ السِّقَايَةُ إِلَى الْحَاجِّ.
وَكَذَلِكَ (الْعِمَارَةُ) صِنَاعَةُ التَّعْمِيرِ، أَيِ الْقِيَامُ عَلَى تَعْمِيرِ شَيْءٍ، بِالْإِصْلَاحِ وَالْحِرَاسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهِيَ، هُنَا: غَيْرُ مَا فِي قَوْلِهِ: مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ [التَّوْبَة: 17] وَقَوْلِهِ: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ [التَّوْبَة: 18] وَأُضِيفَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهَا عَمَلٌ فِي ذَاتِ الْمَسْجِدِ.
وَتَعْرِيفُ الْحَاجِّ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست