responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 136
وَالنَّصْرُ حُصُولُ عَاقِبَةِ الْقِتَالِ الْمَرْجُوَّةِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ.
وَالشِّفَاءُ: زَوَالُ الْمَرَضِ وَمُعَالَجَةُ زَوَالِهِ. أُطْلِقَ هُنَا اسْتِعَارَةً لِإِزَالَةِ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ تَعَبِ الْغَيْظِ وَالْحِقْدِ، كَمَا اسْتُعِيرَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْمَرَضُ لِمَا فِي النُّفُوسِ مِنَ الْخَوَاطِرِ الْفَاسِدَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [الْبَقَرَة: 10] قَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
شَفَيْتُ النَّفْسَ مِنْ حمل بن يدّر ... وَسَيْفِي مِنْ حُذَيْفَةَ قَدْ شفاني
وَإِضَافَة ال صُدُورَ إِلَى قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ دُونَ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ يَشْفِي اللَّهُ صُدُورَهُمْ بِنَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقِتَالِ، وَهُمْ أَقْوَامٌ كَانَتْ فِي قُلُوبِهِمْ إِحَنٌ عَلَى بَعْضِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ آذَوْهُمْ وَأَعَانُوا عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا مُحَافِظِينَ على عهد النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ مُجَازَاتِهِمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ، وَكَانُوا يَوَدُّونَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ بِقِتَالِهِمْ، فَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِنَقْضِ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ سُرُّوا بِذَلِكَ وَفَرِحُوا، فَهَؤُلَاءِ فَرِيقٌ تُغَايِرُ حَالَتُهُ حَالَةَ الْفَرِيقِ الْمُخَاطَبِينَ بِالتَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ التَّهَاوُنِ فِيهِ. فَعَنْ مُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ أَنَّ الْقَوْمَ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ خُزَاعَة حلفاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ نُفُوسُ خُزَاعَةَ إِحَنٌ عَلَى بَنِي بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ، الَّذِينَ اعْتَدَوْا عَلَيْهِمْ بِالْقِتَالِ، وَفِي ذِكْرِ هَذَا الْفَرِيقِ زِيَادَةُ تَحْرِيضٍ عَلَى الْقِتَالِ بِزِيَادَةِ ذِكْرِ فَوَائِدِهِ، وَبِمُقَارَنَةِ حَالِ الرَّاغِبِينَ فِيهِ بِحَالِ الْمُحَرِّضِينَ عَلَيْهِ، الْمَلْحُوحِ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ.
وَعَطْفُ فِعْلِ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ عَلَى فِعْلِ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، يُؤْذِنُ بِاخْتِلَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافُ الْمَفْهُومَيْنِ وَالْحَالَيْنِ، فَيَكُونُ ذَهَابُ غَيْظِ الْقُلُوبِ مُسَاوِيًا لِشِفَاءِ الصُّدُورِ، فَيَحْصُلُ تَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ الْأُولَى بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ، مَعَ بَيَانِ مُتَعَلِّقِ الشِّفَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يكون الِاخْتِلَاف بالمصداق مَعَ اخْتِلَافِ
الْمَفْهُومِ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِشِفَاءِ الصُّدُورِ مَا يَحْصُلُ مِنَ الْمَسَرَّةِ وَالِانْشِرَاحِ بِالنَّصْرِ، وَالْمُرَادُ بِذَهَابِ الْغَيْظِ اسْتِرَاحَتَهُمْ مِنْ تَعَبِ الْغَيْظِ، وَتَحَرُّقِ الْحِقْدِ. وَضَمِيرُ قُلُوبِهِمْ عَائِدٌ إِلَى قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فَهُمْ مَوْعُودُونَ بِالْأَمْرَيْنِ: شِفَاءُ صُدُورِهِمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، وَذَهَابُ غَيْظِ قُلُوبِهِمْ عَلَى نَكْثِ الَّذِينَ نَكَثُوا عَهْدَهُمْ.
وَالْغَيْظُ: الْغَضَبُ الْمَشُوبُ بِإِرَادَةِ الِانْتِقَامِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست