responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 134
أَيْ كَانُوا الْبَادِئِينَ بِالنَّكْثِ، وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا انْتَصَرُوا لِأَحْلَافِهِمْ مِنْ كِنَانَةَ، فَقَاتَلُوا خُزَاعَةَ أَحْلَافَ الْمُسْلِمِينَ.
وأَوَّلَ مَرَّةٍ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ. وَإِضَافَةُ أَوَّلَ إِلَى مَرَّةٍ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ. وَالتَّقْدِيرُ: مَرَّةً أُولَى وَالْمَرَّةُ الْوَحْدَةُ مِنْ حَدَثَ يحدث، فَمَعْنَى بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بدأوكم أَوَّلَ بَدْءٍ بِالنَّكْثِ، أَيْ بَدْءًا أَوَّلَ فَالْمَرَّةُ اسْمٌ مُبْهَمٌ لِلْوَحْدَةِ مِنْ فِعْلٍ مَا، وَالْأَغْلَبُ أَنْ يُفَسَّرَ إِبْهَامُهُ بِالْمَقَامِ، كَمَا هُنَا، وَقَدْ يُفَسِّرُهُ اللَّفْظُ.
وأَوَّلَ اسْمِ تَفْضِيلٍ جَاءَ بِصِيغَةِ التَّذْكِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفُهُ مُؤَنَّثًا لَفْظًا، لِأَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ إِذَا أُضِيفَ إِلَى نَكِرَةٍ يُلَازِمُ الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَ بِدَلَالَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَيُقَالُ: ثَانِيَ مَرَّةٍ وَثَالِثَ مَرَّةٍ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ تَهْدِيدُهُمْ عَلَى النَّكْثِ الَّذِي أَضْمَرُوهُ، وَأَنَّهُ لَا تَسَامُحَ فِيهِ.
وَعَلَى كُلٍّ فَالْمَقْصُودُ مِنْ إِخْرَاجِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِمَّا إِخْرَاجُهُ مِنْ مَكَّةَ مُنْهَزِمًا بَعْدَ أَنْ دَخَلَهَا ظَافِرًا، وَإِمَّا إِخْرَاجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ إِلَيْهَا عَقِبَ الْفَتْحِ، بِأَنْ يَكُونُوا قَدْ هَمُّوا بِغَزْوِ الْمَدِينَةِ وَإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْهَا وَتَشْتِيتِ جَامِعَةِ الْإِسْلَامِ.
وَجُمْلَةُ أَتَخْشَوْنَهُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ أَلا تُقاتِلُونَ فَالِاسْتِفْهَامُ فِيهَا إِنْكَارٌ أَوْ تَقْرِيرٌ عَلَى سَبَبِ التَّرَدُّدِ فِي قِتَالِهِمْ، فَالتَّقْدِيرُ: أَيَنْتَفِي قِتَالُكُمْ إِيَّاهُمْ لِخَشْيِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَهَذَا
زِيَادَةٌ فِي التَّحْرِيضِ عَلَى قِتَالِهِمْ.
وَفُرِّعَ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ جُمْلَةُ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ أَيْ فَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِقِتَالِهِمْ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِذَا خَطَرَ فِي نُفُوسِكُمْ خَاطِرُ عَدَمِ الِامْتِثَالِ لِأَمْرِهِ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَقْتَضِي الْخَشْيَةَ مِنَ اللَّهِ وَعَدَمَ التَّرَدُّدِ فِي نَجَاحِ الِامْتِثَالِ لَهُ.
وَجِيءَ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ، مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ، لِقَصْدِ إِثَارَةِ هِمَّتِهِمُ الدِّينِيَّةِ فَيُبَرْهِنُوا عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ حَقًّا يُقَدِّمُونَ خَشْيَةَ اللَّهِ عَلَى خَشْيَةِ النَّاسِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست