responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 132
الْهَوَادَةِ فِي قِتَالِهِمْ، وَهِيَ قَوْلُهُ: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ [التَّوْبَة: 7] وَقَوْلُهُ:
كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ [التَّوْبَة: 8] وَقَوْلُهُ يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ [التَّوْبَة: 8] وَقَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ [التَّوْبَة: 8] وَقَوْلُهُ: اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا [التَّوْبَة: 9] وَقَوْلُهُ: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التَّوْبَة: 10] وَقَوْلُهُ: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ [التَّوْبَة: 10] وَقَوْلُهُ: إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لَهُمْ [التَّوْبَة: 12] .
فَكَانَتْ جُمْلَةُ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ تَحْذِيرًا مِنَ التَّرَاخِي فِي مُبَادَرَتِهِمْ بِالْقِتَالِ.
وَلَفْظُ أَلا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعَ حَرْفَيْنِ: هُمَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ، وَ (لَا) النَّافِيَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَرْفًا وَاحِدًا لِلتَّحْضِيضِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النُّور: 22] . فَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيًّا، عَلَى انْتِفَاءِ مقاتلة الْمُشْركين فِي الْمُسْتَقْبل، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَيْضَاوِيُّ، فَيَكُونُ دَفْعًا لِأَنْ يَتَوَهَّمَ
الْمُسْلِمُونَ حُرْمَةً لِتِلْكَ الْعُهُودِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» ، تَقْرِيرًا عَلَى النَّفْيِ تَنْزِيلًا لَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ فَاسْتَوْجَبَ طَلَبَ إِقْرَارِهِ بِتَرْكِهِ، قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : وَمَعْنَاهُ الْحَضُّ عَلَى الْقِتَالِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَفِي «مُغَنِي اللَّبِيبِ» أَنَّ أَلا الَّتِي لِلِاسْتِفْهَامِ عَنِ النَّفْيِ تَخْتَصُّ بِالدُّخُولِ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ، وَسَلَّمَهُ شَارِحَاهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ «الْكَشَّافِ» يُنَادِي عَلَى خِلَافِهِ.
وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَلا حَرْفًا وَاحِدًا لِلتَّحْضِيضِ فَهُوَ تَحْضِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ. وَجَعَلَ فِي «الْمُغْنِي» هَذِهِ الْآيَةَ مِثَالًا لِهَذَا الِاسْتِعْمَالِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّحْذِيرِ وَلَعَلَّ مُوجِبَ هَذَا التَّفَنُّنِ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ التَّهَاوُنِ بِقِتَالِهِمْ مَعَ بَيَانِ اسْتِحْقَاقِهِمْ إِيَّاهُ:
أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَدْ فَرِحُوا بِالنَّصْرِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَمَالُوا إِلَى اجْتِنَاءِ ثَمَرَةِ السَّلْمِ، بِالْإِقْبَالِ عَلَى إِصْلَاحِ أَحْوَالِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَلِذَلِكَ لَمَّا أُمِرُوا بِقِتَالِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا مَظِنَّةَ التَّثَاقُلِ عَنْهُ خَشْيَةَ الْهَزِيمَةِ، بَعْدَ أَنْ فَازُوا بِسُمْعَةِ النَّصْرِ، وَفِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ أَتَخْشَوْنَهُمْ مَا يَزِيدُ هَذَا وُضُوحًا.
أَمَّا نَكْثُهُمْ أَيْمَانَهُمْ فَظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [التَّوْبَة: 4]- وَقَوْلِهِ- إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ [التَّوْبَة:
4] الْآيَةَ. وَذَلِكَ نَكْثُهُمْ عَهْدَ الْحُدَيْبِيَةِ إِذْ أَعَانُوا بَنِي بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مِنْ جَانِبِ عَهْدِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا تَقَدَّمَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 132
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست