responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 123
لِحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَتَرْكِ الْقِتَالِ، لِأَنَّ سُوءَ الْمُعَامَلَةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِالْتِوَاءُ وَالِاعْوِجَاجُ، فَكَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى ضِدِّهِ الِاسْتِقَامَةُ.
وَجُمْلَةُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالِاسْتِقَامَةِ. وَمَوْقِعُ إِنَّ أَوَّلَهَا، لِلِاهْتِمَامِ وَهُوَ مُؤْذِنٌ بِالتَّعْلِيلِ لِأَنَّ إِنَّ فِي مِثْلِ هَذَا تُغْنِي غَنَاءَ فَاءٍ، وَقَدْ أَنْبَأَ ذَلِكَ، التَّعْلِيلُ، أَنَّ الِاسْتِقَامَةَ لَهُمْ مِنَ التَّقْوَى وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ مُنَاسِبَةً لِلْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.
عَقِبَ الْأَمْرِ بِالِاسْتِقَامَةِ لَهُمْ، وَهَذَا مِنَ الْإِيجَازِ. وَلِأَنَّ فِي الِاسْتِقَامَةِ لَهُمْ حِفْظًا لِلْعَهْدِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْيَمِينِ.
[8]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 8]
كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (8)
كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً.
وكَيْفَ هَذِهِ مُؤَكِّدَةٌ ل كَيْفَ [التَّوْبَة: 7] الَّتِي فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا، فَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ وَجُمْلَةُ: وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ إِلَخْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً حَالِيَّةً، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ وَيَجُوزُ أَن يكون مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ [التَّوْبَة: 7] إِخْبَارًا عَنْ دَخَائِلِهِمْ.
وَفِي إِعَادَةِ الِاسْتِفْهَامِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ جُمْلَةَ الْحَالِ لَهَا مَزِيدُ تَعَلُّقٍ بِتَوَجُّهِ الْإِنْكَارِ عَلَى دَوَامِ الْعَهْدِ لِلْمُشْرِكِينَ، حَتَّى كَأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِالْإِنْكَارِ، لَا مُجَرَّدَ قَيْدٍ لِلْأَمْرِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْإِنْكَارُ ابْتِدَاءً، فَيَؤُولُ الْمَعْنَى الْحَاصِلُ مِنْ هَذَا النَّظْمِ إِلَى إِنْكَارِ دَوَامِ الْعَهْدِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فِي ذَاتِهِ، ابْتِدَاءً، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِذَلِكَ، وَإِلَى إِنْكَارِ دَوَامِهِ بِالْخُصُوصِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَهِيَ حَالَةُ مَا يُبْطِنُونَهُ مِنْ نِيَّةِ الْغَدْرِ إِنْ ظَهَرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مِمَّا قَامَتْ عَلَيْهِ الْقَرَائِنُ وَالْأَمَارَاتُ، كَمَا فَعَلَتْ هَوَازِنُ عَقِبَ فَتْحِ مَكَّةَ. فَجُمْلَةُ: وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ [التَّوْبَة: 7] .
وَضَمِيرُ يَظْهَرُوا عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلِهِ: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ [التَّوْبَة: 7] وَمَعْنَى وَإِنْ يَظْهَرُوا إِنْ يَنْتَصِرُوا. وَتَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا الْفِعْلِ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً [التَّوْبَة: 4] . وَالْمَعْنَى: لَوِ انْتَصَرَ الْمُشْرِكُونَ، بَعْدَ ضَعْفِهِمْ، وَبَعْدَ أَنْ جَرَّبُوا من الْعَهْد مَعكُمْ أَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي قُوَّتِكُمْ، لَنَقَضُوا الْعَهْدَ. وَضَمِيرُ عَلَيْكُمْ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست