responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 109
وَالْمُرَادُ بِ النَّاسِ جَمِيعُ النَّاسِ الَّذِينَ ضَمَّهُمُ الْمَوْسِمُ، وَمَنْ يَبْلُغُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ:
مُؤْمِنُهُمْ وَمُشْرِكُهُمْ، لِأَنَّ هَذَا الْأَذَانَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَهُ الْمُسْلِمُ وَالْمُشْرِكُ، إِذْ كَانَ حُكْمُهُ يَلْزَمُ الْفَرِيقَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَتَعَلَّقُ بِ أَذانٌ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ- وَهُوَ بَاءُ التَّعْدِيَةِ- أَيْ إِعْلَامُ بِهَذِهِ الْبَرَاءَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [التَّوْبَة: 1] فَإِعَادَتُهَا هُنَا لِأَنَّ هَذَا الْإِعْلَامَ لِلْمُشْرِكِينَ الْمُعَاهِدِينَ وَغَيْرِهِمْ، تَقْرِيرًا لِعَدَمِ غَدْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ إِعْلَامٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَجَاءَ التَّصْرِيحُ بِفِعْلِ الْبَرَاءَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً دُونَ إِضْمَارٍ وَلَا اخْتِصَارٍ بِأَنْ يُقَالَ: وَأَذَانٌ إِلَى النَّاسِ بِذَلِكَ، أَوْ بِهَا، أَوْ بِالْبَرَاءَةِ، لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ بَيَانٍ وَإِطْنَابٍ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ أَفْهَامِ السَّامِعِينَ فِيمَا يَسْمَعُونَهُ، فَفِيهِمُ الذَّكِيُّ وَالْغَبِيُّ، فَفِي الْإِطْنَابِ وَالْإِيضَاحِ قَطْعٌ لِمَعَاذِيرِهِمْ وَاسْتِقْصَاءٌ فِي الْإِبْلَاغِ لَهُمْ.
وَعُطِفَ وَرَسُولِهِ بِالرَّفْعِ، عِنْدَ الْقُرَّاءِ كُلِّهِمْ: لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ، لِأَنَّ السَّامِعَ يَعْلَمُ مِنَ الرَّفْعِ أَنَّ تَقْدِيرَهُ: وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَفِي هَذَا الرَّفْعِ مَعْنًى بَلِيغٌ مِنَ الْإِيضَاحِ لِلْمَعْنَى مَعَ الْإِيجَازِ فِي اللَّفْظِ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ قُرْآنِيَّةٌ بَلِيغَةٌ، وَقَدِ اهْتَدَى بهَا ضابىء بْنُ الْحَارِثِ فِي قَوْلِهِ:
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ ... فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ
بِرَفْعِ (قَيَّارٌ) لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ غُرْبَةَ جَمَلِهِ الْمُسَمَّى «قَيَّارًا» غُرْبَةً أُخْرَى غَيْرَ تَابِعَةٍ لِغُرْبَتِهِ.
وَمِمَّا يَجِبُ التَّنْبِيهُ لَهُ: مَا فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ قِرَاءَةُ وَرَسُولِهِ- بالجرّ- وَلم يصحّ نِسْبَتُهَا إِلَى الْحَسَنِ، وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ جَرُّ وَرَسُولِهِ وَلَا عَامل بمقتضي جَرَّهُ، وَلَكِنَّهَا ذَاتُ قِصَّةٍ طَرِيفَةٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَمِعَ رَجُلًا قَرَأَ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ- بِجَرِّ وَرَسُولِهِ- فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنْ كَانَ اللَّهُ بَرِيئًا مِنْ رَسُولِهِ فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ.
وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّوَرُّكَ عَلَى الْقَارِئِ، فَلَبَّبَهُ الرَّجُلُ إِلَى عُمَرَ، فَحَكَى الْأَعْرَابِيُّ قِرَاءَتَهُ فَعِنْدَهَا أَمَرَ عُمَرُ بِتَعَلُّمِ الْعَرَبِيَّةِ، وَرُوِيَ- أَيْضًا- أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيَّ سَمِعَ ذَلِكَ فَرَفَعَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست