responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 80
حُرُوفِ الْعَطْفِ الْمُفِيدَةِ الِاتِّصَالَ مِثْلَ الْفَاءِ وَلَكِنْ وَبَلْ [1] وَمِثْلَ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ، عَلَى أَنَّ وُجُودَ ذَلِكَ لَا يُعَيِّنُ اتِّصَالَ مَا بَعْدَهُ بِمَا قَبْلَهُ فِي النُّزُولِ، فَإِنَّهُ قَدِ اتُّفِقَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ نَزَلَ بَعْدَ نُزُولِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ إِلَى قَوْله:
وَأَنْفُسِهِمْ [النِّسَاء: 95] قَالَ بَدْرُ الدِّينِ الزَّرْكَشِيُّ: «قَالَ بعض مَشَايِخنَا الْمُحَقِّقِينَ قَدْ وَهِمَ مَنْ قَالَ لَا تُطْلَبُ لِلْآيِ الْكَرِيمَةِ مُنَاسَبَةٌ وَالَّذِي يَنْبَغِي فِي كُلِّ آيَةٍ أَنْ يُبْحَثَ أَوَّلَ شَيْءٍ عَنْ كَوْنِهَا مُكَمِّلَةً لِمَا قَبْلَهَا أَوْ مُسْتَقِلَّةً، ثُمَّ الْمُسْتَقِلَّةُ مَا وَجْهُ مُنَاسَبَتِهَا لِمَا قَبْلَهَا فَفِي ذَلِكَ عِلْمٌ جَمٌّ» .
عَلَى أَنَّهُ يَنْدُرُ أَنْ يَكُونَ مَوْقِعُ الْآيَةِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَجْلِ نُزُولِهَا عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ سُورَةٍ هِيَ بِصَدَدِ النُّزُولِ فَيُؤْمَرُ النَّبِيءُ بِأَنْ يَقْرَأَهَا عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ [مَرْيَم: 64] عَقِبَ قَوْلِهِ: تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا فِي سُورَةِ مَرْيَمَ [63] ،
فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ لَبِثَ أَيَّامًا لَمْ ينزل على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَحْيٍ، فَلَمَّا نَزَلَ بِالْآيَاتِ السَّابِقَةِ عَاتَبَهُ النَّبِيءُ، فَأَمَرَ اللَّهُ جِبْرِيلَ أَنْ يَقُولَ: وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ فَكَانَتْ وَحَيًّا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيل، فقرىء مَعَ الْآيَةِ الَّتِي نَزَلَ بِأَثَرِهَا، وَكَذَلِكَ آيَةُ:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها [الْبَقَرَة: 26] عَقِبَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ إِلَى قَوْلِهِ: وَهُمْ فِيها خالِدُونَ
فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [25] ، إِذْ كَانَ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي قَوْلهم: أما يستحي مُحَمَّدٌ أَنْ يُمَثِّلَ بِالذُّبَابِ وَبِالْعَنْكَبُوتِ؟ فَلَمَّا ضَرَبَ لَهُمُ الْأَمْثَالَ بِقَوْلِهِ: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارا [الْبَقَرَة: 17] تخلص إِلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَنْكَرُوهُ مِنَ الْأَمْثَالِ. عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْدَمُ مُنَاسَبَةُ مَا، وَقَدْ لَا تَكُونُ لَهُ مُنَاسَبَةٌ وَلَكِنَّهُ اقْتَضَاهُ سَبَبٌ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
فَهَذِهِ الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي سُورَةِ الْقِيَامَةِ [16- 19] فِي خِلَالِ تَوْبِيخِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى إِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَوَصْفِ يَوْمِ الْحَشْرِ وَأَهْوَالِهِ، وَلَيْسَتْ لَهَا مُنَاسَبَةٌ بِذَلِكَ وَلَكِنْ سَبَبُ نُزُولِهَا حَصَلَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ.
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ كَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ الَّتِي فِي: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ

[الْقِيَامَةِ: [1]] اهـ، فَذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ.

[1] دون الْوَاو لِأَنَّهَا تعطف الْجمل والقصص، وَكَذَلِكَ ثمَّ لِأَنَّهَا قد تعطف الْجمل.
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست