responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 734
وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ التَّوْرَاةَ لَمَّا ذَكَرَتْ قِصَّةَ الذَّبِيحِ وَصَفَتْهُ بِالِابْنِ الْوَحِيدِ لِإِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يَكُنْ إِسْحَاقُ وَحِيدًا قَطُّ، وَتُوُفِّيَ إِسْحَاقُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ قَبْلَ الْمِيلَادِ وَدُفِنَ مَعَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فِي مَغَارَةِ الْمكفيلَةِ فِي حَبْرُونَ (بَلَدِ الْخَلِيلِ) .
وَقَوْلُهُ: إِلهاً واحِداً تَوْضِيحٌ لِصِفَةِ الْإِلَهِ الَّذِي يَعْبُدُونَهُ فَقَوْلُهُ: إِلهاً حَالٌ مِنْ إِلهَكَ وَوُقُوعُ (إِلَهًا) حَالًا مِنْ (إِلَهِكَ) مَعَ أَنَّهُ مُرَادِفٌ لَهُ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ إِجْرَاءِ الْوَصْفِ عَلَيْهِ بِوَاحِدٍا فَالْحَالُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ ذَلِكَ الْوَصْفُ، وَإِنَّمَا أُعِيدَ لَفْظُ إِلَهًا وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى وَصْفِ وَاحِدًا لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ إِطْنَابٍ فَفِي الْإِعَادَةِ تَنْوِيهٌ بِالْمَعَادِ وَتَوْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا أُسْلُوبٌ مِنَ الْفَصَاحَةِ إِذْ يُعَادُ اللَّفْظُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَصْفٌ أَوْ مُتَعَلِّقٌ وَيَحْصُلُ مَعَ ذَلِكَ تَوْكِيدُ اللَّفْظِ السَّابِقِ تَبَعًا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّوْكِيدِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الْفرْقَان: 72] وَقَوْلُهُ: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ [الْإِسْرَاء: 7] وَقَوْلُهُ: وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ [الشُّعَرَاء: 132، 133] إِذْ أَعَادَ فِعْلَ أَمَدَّكُمْ وَقَوْلُ الْأَحْوَصِ الْأَنْصَارِيِّ:
فَإِذَا تَزُولُ تَزُولُ عَنْ مُتَخَمِّطٍ ... تَخْشَى بَوَادِرُهُ عَلَى الْأَقْرَانِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي «شَرْحِ الْحَمَاسَةِ» مُحَالٌ أَنْ تَقُولَ: إِذَا قُمْتُ قُمْتُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الثَّانِي غَيْرُ مَا فِي الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يَقُولَ: فَإِذَا تَزُولُ تَزُولُ لِمَا اتَّصَلَ بِالْفِعْلِ الثَّانِي مِنْ حَرْفِ الْجَرِّ الْمُفَادِ مِنْهُ الْفَائِدَةُ، وَمِثْلَهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا [الْقَصَص: 63] وَقَدْ كَانَ أَبُو عَلِيٍّ امْتَنَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِمَّا أَخَذْنَاهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهَا عِنْدِي عَلَى مَا عَرَّفْتُكَ.
وَجَوَّزَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إِلهاً واحِداً بَدَلًا مِنْ إِلهَكَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إِبْدَالِ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ مِثْلَ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ [العلق: 63] ، أَوْ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِتَقْدِيرِ امْدَحُ فَإِنَّ الِاخْتِصَاصَ يَجِيءُ مِنَ الِاسْمِ الظَّاهِرِ وَمِنْ ضَمِيرِ الْغَائِبِ.
وَقَوْلُهُ: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ نَعْبُدُ، أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ نَعْبُدُ، جِيءَ بِهَا اسْمِيَّةٌ لِإِفَادَةِ ثَبَاتِ الْوَصْفِ لَهُمْ وَدَوَامِهِ بَعْدَ أَنْ أُفِيدَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهَا مَعْنَى التجدد والاستمرار.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 734
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست