responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 694
بِالنِّسْبَةِ إِلَى هُدَى الْقُرْآنِ كُلًّا هُدًى لِأَنَّ هُدَى الْقُرْآنِ أَعَمُّ وَأَكْمَلُ فَلَا يُنَافِي إِثْبَاتَ الْهِدَايَةِ لِكِتَابِهِمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ [الْمَائِدَة: 44] وَقَوْلُهُ: وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ [الْمَائِدَة: 46] وَإِمَّا قَصْرًا إِضَافِيًّا أَيْ هُوَ الْهُدَى دُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ مِلَّةٍ مُبْدَلَةٍ مَشُوبَةٍ بِضَلَالَاتٍ وَبِذَلِكَ أَيْضًا لَا يَنْتَفِي الْهُدَى عَنْ كَثِيرٍ من التعاليم والنصائح الصَّالِحَةِ الصَّادِرَةِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَأَهْلِ الْعُقُولِ الرَّاجِحَةِ وَالتَّجْرِبَةِ لَكِنَّهُ هُدًى نَاقِصٌ.
وَقَوْلُهُ: هُوَ الْهُدى الضَّمِير ضمير فصل. وَالتَّعْرِيفُ فِي الْهُدَى تَعْرِيفُ الْجِنْسِ
الدَّالِّ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ مِنْ طُرُقِ الْحَصْرِ هُمَا ضَمِيرُ الْفَصْلِ وَتَعْرِيفُ الْجُزْأَيْنِ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إِفَادَةُ تَحْقِيقِ مَعْنَى الْقَصْرِ وَتَأْكِيدِهِ لِلْعِنَايَةِ بِهِ فَأَيُّهُمَا اعْتَبَرْتَهُ طَرِيقَ قَصْرٍ كَانَ الْآخَرُ تَأْكِيدًا لِلْقَصْرِ وَلِلْخَبَرِ أَيْضًا.
وَالتَّوْكِيدُ بِأَنَّ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ وَتَحْقِيقِ نِسْبَتِهِ وَإِبْطَالِ تَرَدُّدِ الْمُتَرَدِّدِ لِأَنَّ الْقَصْرَ الْإِضَافِيَّ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ رَدَّ اعْتِقَادِ الْمُخَاطَبِ قَدْ لَا يَتَفَطَّنُ الْمُخَاطَبُ إِلَى مَا يَقْتَضِيهِ مِنَ التَّأْكِيدِ فَزِيدَ هُنَا مُؤَكَّدٌ آخَرُ وَهُوَ حَرْفُ (إِنَّ) اهْتِمَامًا بِتَأْكِيدِ هَذَا الْحُكْمِ. فَقَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ عِدَّةُ مُؤَكِّدَاتٍ هِيَ: حَرْفُ إِنَّ وَالْقَصْرُ، إِذِ الْقَصْرُ تَأْكِيدٌ على تَأْكِيد مَا فِي «الْمِفْتَاحِ» فَهُوَ فِي قُوَّةِ مُؤَكِّدَيْنِ، مَعَ تَأْكِيدِ الْقَصْرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَهِيَ تَنْحَلُّ إِلَى أَرْبَعَةِ مُؤَكِّدَاتٍ لِأَنَّ الْقَصْرَ بِمَنْزِلَةِ تَأْكِيدَيْنِ وَقَدِ انْضَمَّ إِلَيْهِمَا تَأْكِيدُ الْقَصْرِ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَتَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ بِحَرْفِ (إِنَّ) .
وَلَعَلَّ الْآيَةَ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي يَسْتَقْبِلُهَا الْيَهُودُ لِقَطْعِ مَعْذِرَةِ الْيَهُودِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ [الْبَقَرَة: 143] ، فَأَعْلَمَ رَسُولَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُلِينُ مِنْ تَصَلُّبِ الْيَهُودِ فِي عِنَادِهِمْ فَتَكُونُ إِيمَاءً إِلَى تَمْهِيدِ نَسْخِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ. اللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ وَذَلِكَ تَوْكِيدٌ لِلْخَبَرِ وَتَحْقِيقٌ لَهُ. وَعَبَّرَ عَنْ طَرِيقَتِهِمْ هُنَالِكَ بِالْمِلَّةِ نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِمْ وَشُهْرَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَعَبَّرَ عَنْهَا هُنَا بِالْأَهْوَاءِ بَعْدَ أَنْ مَهَّدَ لَهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى فَإِنَّ الْهَوَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 694
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست