responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 667
وُقُوعَ الْفِعْلِ بَلْ يَقْتَضِيَانِ عَدَمَهُ. وَالْمَقْصُودُ التَّحْذِيرُ مِنْ تَطَرُّقِ الشَّكِّ فِي صَلَاحِيَّةِ الْأَحْكَامِ الْمَنْسُوخَةِ قَبْلَ نَسْخِهَا لَا فِي صَلَاحِيَّةِ الْأَحْكَامِ النَّاسِخَةِ عِنْدَ وُقُوعِهَا.
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ تَذْيِيلٌ لِلتَّحْذِيرِ الْمَاضِي لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحَذَّرَ مِنْهُ كُفْرٌ أَوْ يُفْضِي إِلَى الْكُفْرِ لِأَنَّهُ يُنَافِي حُرْمَةَ الرَّسُولِ وَالثِّقَةَ بِهِ وَبِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفْرِ أَحْوَالُ أَهْلِ الْكُفْرِ أَيْ لَا تَتَبَدَّلُوا بِآدَابِكُمْ تَقَلُّدَ عَوَائِدِ أَهْلِ الْكُفْرِ فِي سُؤَالِهِمْ كَمَا
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ «الصَّحِيحَيْنِ» : «فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ»
وَإِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَى أَحْوَالِ أَهْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كُفْرًا شَائِعٌ فِي أَلْفَاظِ الشَّرِيعَةِ وَأَلْفَاظِ السَّلَفِ كَمَا قَالَتْ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ زَوْجَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: «إِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ» تُرِيدُ الزِّنَا، فَإِذن ذِكْرَ جُمْلَةٍ بَعْدَ جُمْلَةٍ يُؤْذِنُ بِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُ الْجُمْلَتَيْنِ وَاضِحَ التَّنَاسُبِ عَلِمَ الْمُخَاطَبُ أَنَّ هُنَالِكَ مُنَاسَبَةً يَرْمُزُ إِلَيْهَا الْبَلِيغُ فَهُنَا تَعْلَمُ أَنَّ الِارْتِدَادَ عَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الْكُفْرِ مَعْنًى كُلِّيٌّ عَامٌّ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ سُؤَالُهُمُ الرَّسُولَ كَمَا سَأَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فَتَكُونُ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ كُفْرًا وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّذْيِيلِ الْمُعَرَّفِ فِي بَابِ الْإِطْنَابِ بِأَنَّهُ تَعْقِيبُ الْجُمْلَةِ بِجُمْلَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَعْنَاهَا تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحُجَّةِ عَلَى مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ تَأْكِيدُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَزِيَادَةٌ فَالتَّذْيِيلُ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ الْإِطْنَابِ مِنْ حَيْثُ يَشْتَمِلُ عَلَى تَقْرِيرِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى وَيَزِيدُ عَلَيْهِ بِفَائِدَةٍ جَدِيدَةٍ لَهَا تَعَلُّقٌ بِفَائِدَةِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى. وَأَبْدَعُهُ مَا أُخْرِجَ مُخْرَجَ الْأَمْثَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ عُمُومِ الْحُكْمِ وَوَجِيزِ اللَّفْظِ مِثْلَ هَاتِهِ الْآيَةِ، وَقَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَلَسْتَ بِمُسْتَبْقٍ أَخًا لَا تَلُمُّهُ ... عَلَى شَعَثٍ أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ
وَالْمُؤَكَّدُ بِجُمْلَةِ: وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ هُوَ مَفْهُومُ جُمْلَةِ أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ مَفْهُومُ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا لَا مَنْطُوقُهَا فَهِيَ كَالتَّذْيِيلِ الَّذِي فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ.
وَالْقَوْلُ فِي تَعْدِيَةِ فِعْلِ يَتَبَدَّلِ مَضَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [الْبَقَرَة: 61] .
وَقَدْ جُعِلَ قَوْلُهُ: فَقَدْ ضَلَّ جَوَابًا لِمَنِ الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الضَّلَالِ أَعْظَمُهُ وَهُوَ الْحَاصِلُ عَقِبَ تَبَدُّلِ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ وَلَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِ الْجَوَابِ مُتَرَتِّبًا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا
يُرِيبُكَ فِي ذَلِكَ وُقُوعُ جَوَابِ الشَّرْطِ فِعْلًا مَاضِيًا مَعَ أَنَّ الشَّرْطَ إِنَّمَا هُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا اقْتِرَانُ الْمَاضِي بِقَدِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْمُضِيِّ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ يَأْتُونَ بِالْجَزَاءِ مَاضِيًا لِقَصْدُُِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 1  صفحه : 667
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست